حزب الدعوة الاسلامية يتحمل فشل المالكي واسقاطاته !

 


الامكانيات الضخمة التي توفّرت لرئيس الوزراء العراقي الحالي نوري كامل المالكي من دعم لوجستي دولي غير محدود مرورا بمليارات النفط ولاتنتهي عند التفويض الشعبي والمؤسسة العسكرية والامنية كلها امكانيات لم تتوفر لغيره ولاأظنها ستتوفر بعد هذه الدورة لشخص آخر. بالرغم من ذلك كله فقد فشل هذا الرجل فشلا ذريعا في توفير الأمن والخدمات اضافة الى فشله في تهدئة الشارع والخصوم على حد سواء. لقد عاقب الشعب العراقي المالكي وحزبه الدعوة الاسلامية بفقدانه للمواقع المتقدمة التي حصل عليه في انتخابات مجالس المحافظات في الدورة السابقة. فشل المالكي له اسبابه، أهمها أن الرجل قد أصيب بداء يصاب به كل من يتسنّم حكم العراق، والسبب الثاني عدم قدرته على اجتذاب شركاؤه في العملية السياسية الى التعاون الايجابي. أما ثالث الاسباب وليس آخرها فهو تذبذبه وتخبّطه وأنتقائيته في التعامل مع الملفات الحسّاسة وأهمها ملفات الأمن والفساد والخدمات.

مما يؤسف له أن رئيس الوزراء نوري المالكي كان ولازال يحكم العراق بعقلية المكتب السياسي لحزب الدعوة الأسلامية وليس عبر منصب رئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة. الحلقة الضيقة المحيطة بالرجل لم يكن موفقا هو في اختيارها ان لم تكن مفروضه عليه فكانت أكثر الزمر نفاقا له وهو خطأ يقع فيه كل من ينظر بعين واحدة الى الامور ولاترقى نظرته الى حساسية واهمية الكرسي الذي يجلس عليه. لذا يتحمل حزب الدعوة الاسلامية القسط الاكبر والاعظم من اخفاقات رئاسة الوزراء وذلك نتيجة الاستشارات الخاطئة المقدمة للمالكي من جهة واحاطته بشخوص قاصرين فاقدين للاهلية والكفاءة من جهة اخرى فضلا عن البيانات الخاطئة التي تقدم للرجل وهي بيانات اثبت في اكثر من محطة انها بيانات غير دقيقة ان لم تكن مزورة وغير واقعية، وبالتالي فان حزب الدعوة الاسلامية ومكتبه السياسي يتحمل اخفاقات نوري المالكي ولايتحملها الرجل لوحده.

المعادلة بشكل اخر تتمحور حول ان حزب الدعوة هو من رشّح المالكي لهذا المنصب، وهو نفس الحزب الذي دأب على انتخاب المالكي امينا عاما له في دوراته الاخيرة، وهو ذات الحزب الذي يسير على نهجه المالكي ولايستطيع الخروج على توصيات واوامر مكتبه وهيئته السياسية، بدليل حينما اراد ان يتمرد الأمين السابق للحزب الدكتور ابراهيم الجعفري على هذه المنظومة فقد تمت تنحيته واستبداله بالمالكي المطيع، هكذا تكون الامور في نصابها الصحيح.

الدائرة المقرّبة او المغلقة حول المالكي صوّروا له ان بامكانه حكم العراق بمعزل عن الاخرين بما في ذلك المرجعية الدينية في النجف باعتبار انه يحكم دولة غير دينية خصوصا وأن حزب الدعوة الأسلامية لايعترف في أدبياته بنظرية الولي الفقيه، هذا من جهة. من جهة اخرى فقد توهّمت كثيرا تلك الدائرة بأن من تكون علاقته طيبة مع أمريكا عبر سفارتها في بغداد فانه سيحكم العراق متى شاء وكيفما شاء وهذا خطأ لم يقع فيه المالكي وحزب الدعوة الاسلامية فقط، وانما هو ارث سياسي تتوارثه الانظمة العربية باختلاف مشاربها وتنسى بعد فترة من الزمن أن السلطة الحقيقية هي بيد الشعب وستعود اليه يوما وحينها ستتخلى امريكا عنهم وسترضخ لارادة الشعب، وهذا ماحصل مع الانظمة العربية المستبدة في ما يسمى (الربيع العربي)، وهذا ماسيحصل ايضا في الانتخابات التشريعية العراقية القادمة التي سيخسر فيها حزب الدعوة الاسلامية تفويض الشعب الكبير الذي منحه اياه من قبل ان هو استمر على هذه الحال من التنكّر له من جهة والتعكّز على غيره من جهة اخرى.

ربما هناك من يرى العكس ويؤكد ان المالكي هو من أفقد حزب الدعوة الاسلامية شعبيته وجماهيريته بسبب عجز الحكومة التي يرأسها عن تقديم الخدمات والامن وهو ماانعكس سلبا على جماهيرية الحزب وحضوره الشعبي! الحقيقة التي يجب ان نلتفت اليها هي ان تدني شعبية حزب الدعوة الاسلامية في الشارع العراقي انما يرجع سببها لان هذا الحزب قد أمسك بالسلطات المحلية لاغلب مجالس المحافظات منذ العام 2009 ولم يقدموا شي ولاعلاقة للمالكي بهذا الامر بقدر تعلقه به كرئيس للوزراء وأمينا عاما للحزب. لمن لايعلم فأن المحافظين الذي تم ترشيحهم للمحافظات كانت توصياتهم تأتي من قبل الهيئة السياسية لحزب الدعوة ومكتبه والتي تحكمت بها العلاقات الشخصية اكثر من المهنية والكفاءة ولم يكن للمالكي خيار غير القبول به والرضوخ له وهو يعلم ان هؤلاء المحافظين لن يقدموا مايصبو اليه ولن يخدموا مشروعه (التغيير) وهو نفس الاسلوب الذي تم انتخاب يحيى الناصري من خلاله محافظا لذي قار في الدورة الحالية. لابد من الاشارة هنا الى اننا لانبرئ ساحة رئيس الوزراء نوري المالكي ولانخليه من المسؤولية الشرعية والوطنية والاخلاقية بقدر ماندعو الى تصحيح الامور ووضعها في نصابها الصحيح لذا يجب على مكتب الدعوة وهيئته السياسية ان ارادوا استدراك الامور ان يفسحوا المجال للمالكي وان يرفعوا ايديهم من الوصاية عليه لتطلق يده للتصحيح قبل فوات الاوان وخروج الامور عن السيطرة كليا.