لكل قلم نبوه ولكل فرس كبوه ..خسارتنا امام شيلي ... الوجع الضروري!

 

تصريحات متضاربة ، واراء مختلفة صدرت من قبل اعضاء اتحاد الكرة دون وعي او ادراك بما يقال حول مباراة شيلي والخسارة القاسية ... اقول ذلك لانني لم اسمع رايا مقنعا يوضح فيه الاتحاد اهمية هذه التجربة رغم الخسارة التي جاءت بطعم السم الذي لا يقتل بل يزيدنا قوة ... لم تكن الخسارة صدفة ، او يدخل عامل الحظ بها ، او لعبت ظروف معينة في نتيجتها ... كانت نتيجة تعبر عن الواقع الحقيقي الافتراضي للكرة العراقية.
سمعت كلاما غريبا من مصادر مختلفة لا اعلم مدى صحته نسب الى احد اعضاء اتحاد الكرة عن محاولة الاتحاد بعدم خوض مباراة شيلي والاعتذار عنها ، وان صح هذا الكلام فانه يعتبر خطا كبيرا كان سيسجل على اتحاد الكرة ... لان العراق بحاجة الى مقابلة مثل هذه المستويات العالمية والتي تعتبر مستويات مثالية للمنتخب العراقي دون التفكير مسبقا بنتيجة اللقاء او النظر الى حجم الهزيمة ، لاننا لو نظرنا الى تاريخ العراق واحتكاك منتخب الكرة مع المنتخبات العالمية سنجده ضعيفا للغاية على الرغم من الشعبية الكبيره التي تحظى بها اللعبة على الصعيد المحلي والتاريخ الطويل الحافل بالانجازات المهمة محليا واقليميا ولكن بالمقابل نجد ان المنتخب يفتقر الى المشاركات العالميه التي اثبتت فعاليتها في اكتساب المهارات والخبرات والتي اصبحت المحك الرئيس لتطور وتقدم اي منتخب في اي دولة .
ان اكثر ما اخشاه هو ان يقوم اتحاد الكرة باللجوء مستقبلا الى الاعتذار عن ملاقاة ومواجهة الفرق العالميه لاسباب ستكون واهية وغير منطقيه وذلك حفاظا على وضعه الردئ ومستواه المتردي. وان مثل هذا التوجه اذا ما حصل فعلا وعمل به الاتحاد فانه سيعطينا تصورا واضحا على عدم قدرة الاتحاد على الاستيعاب لفكرة واهمية هذه التجارب رغم مرارتها ، فليدرك اتحاد الكرة جيدا ان الخسارة امام شيلي بالستة افضل من الفوز على المنتخبات التي تعود العراق الفوز عليها رغم قلتها (اي المنتخبات التي هي اضعف منه او توازيه او ربما افضل منه بنسبة بسيطة).
الخطوة القادمة هي ان يعمل اتحاد الكرة على تقليص هذا الفارق بين العراق وشيلي والمنتخبات العالمية ، ولو اني اشك على قدرته على فعل ذلك لان العراق وشيلي لو التقيا مجددا بعد سنتين مثلا فان النتيجة ستكون قريبة من النتيجه الحاليه وسيكون اداء الفريق العراقي بشكل عام هو هو ، اي لن يتطور.
لعل القاري النبيه يتذكر ويعلم ان اليابان لم تصل الى ما وصلت اليه الا بعد ان تجرعت الألم وذاقت طعم مرارة الهزائم الثقيلة ، اما عربيا فهناك امثلة كثيرة ومنها على سبيل المثال ما حدث من تطور سريع ومدهش لمستوى الكره في سلطنة عمان التي كانت تنافس بقوة للتاهل لكاس العالم الاخيرة ، وانها لم تنظر ابدا الى حجم الخسائر السابقة التي كانت ارقامها مدعاة للسخرية والاستخفاف... لكنها استمرت وكافحت وبذلت الكثير من الجهد وربما المال للوصول الى هذه النتائج التي اصبحت مدعاة للفخر والدهشه.
وكان العراق قد انتهج مبدءا مماثلا قبل كاس الخليج الرابعة بقطر 1976 حيث لم يخشى ابدا من ملاقاة منتخبات بحجم المانيا الشرقية وبولندا وتركيا ومصر وايران وغيرها ، واستمر حتى كاس العالم 1986 ، وبعدها تخلى عن هذا المبدء وتمسك بمظاهر الاحتفال بعد كل فوز على منتخب هو اقل منه شانا واقل منه مستوى ، والنتيجة كانت حصول العراق على بطولات لا قيمة لها ، واهمل نفسه وخسر المستقبل وخسر مواكبة تطوره مع العالم.
كان الخروج من تصفيات كاس العالم 2014 خيبه امل مولمه للجماهير العراقيه الاصيله الوفيه لمنتخبها ودرساً موجعاً للعراق درسا قاسيا ومؤلما ولكن هل اتعظنا وهل تعلمنا من هذا الدرس ، هل استفدنا من هذا الدرس القاسي؟ لم يتسن لي الحديث على الاحدات التي حصلت قبل وبعد الخروج لكن اتوقع ان يكون اتحاد الكرة أشد حرصا على الكرة العراقية ، وأكثر تمسكا بالتاهل لمثل هذه البطولات خاصة كاس العالم القادمة 2018 ، لكنني اشك كثيرا بقدرة الاتحاد على فعل ذلك لعدم وجود اي برنامج واضح خلال السنوات الاربع القادمة ، حيث ستترك الامور وكالعادة حتى اللحظات الاخيرة عندما يتسابق الجميع لاتخاذ القرار السريع والفجائي والمرتجل حيث لا ترى غير التخبط وسوء الادارة وعدم التنظيم.
اما بخصوص المدرب بتروفيتش فلا يمكن ان اطلق احكامي الاخيرة عنه الا بعد الاستماع اليه بشكل شخصي ، رغم انني استشرت صديقي المدرب ميلان زيفادينوفيتش الذي كان مدربا لمنتخب يوغسلافيا السابق ، حيث عمل بتروفيتش مساعدا له وهو بمثابة استاذه ، وقد تحدث عن ايجابيات وسلبيات بتروفيتش ومراعاة للامانة فاني احتفظ بهذا الحديث حاليا ولا اسعى لنشره ... لم يختار بتروفيتش العراق طوعا بل ان اختياره تم من قبل الاتحاد ، ولا اعلم ما هي الاسس التي اتبعها الاتحاد في اختياره له ، اتمنى ان يكشفها امام الشعب العراقي حتى يكون على علم بما يجري ... وبالمقابل فان ميلان تقدم هو الاخر لتدريب المنتخب العراقي خلفا لزيكو لكن اتحاد الكرة فضل التلميذ على الاستاذ.
ان المنتخب العراقي بحاجة ماسة اعتبارا من الان وحتى تصفيات كاس العالم القادمة الى قيادة عالمية بحجم وقوة المدرب زيكو ، مدرب قادر على ان يضع برنامجا واضحا من اجل ظهور المنتخب بصورة مشرفة تناسب اهتمام ومكانة كرة القدم في العراق ، دون التقليل من احتياجاته او الانتقاص من دور وامكانيات مساعديه من مدرب حراس مرمى خبير ، ومدرب لياقة بدنية ، ومساعد مدرب قادر على المساعدة والتشخيص ويتم اختيارهم من قبل الكادر التدريبي ، لان التطور لن يحصل دون النظر الى كافة الامور المتعلقة بالفريق العراقي.
مباراة شيلي عبارة عن شر لابد من تقبله ، وهو طريق العراق الصحيح لتحقيق أول أهداف التاهل لكاس العالم 2018 ، والاسلوب الذي سينهض بهذه البلاد ويرقى بها الى المكانة اللائقة بها ، وان هذه التجربة يجب ان تستمر وان تتكرر ، العراق بحاجة الى خوض 10 مباريات سنويا امام منتخب بحجم شيلي ، دون النظر الى النتيجة ، لكن بحاجة الى قياس البناء. الخساره في كل شيء مؤلمه وموجعه خاصة في الرياضه ولكن يحتاج المرء الى بعض الخسارات ليصحو من نومه ويقوم من سباته ويعي اخطاءه وسلبياته مثلما هي مسيرة الحياة ليست كلها حلوا وليست كلها ايجابيات كما الخير والشر كلاهما موجود ودائما ما كان الشر اختبارا للخير وموطئا للمصداقيه التي لا يمكن تلمسها والوقوف على مدى صحتها الا اذا ما تعرضت الى اختبار مثل اختبار الخسارة فكثيرا ما يكون السقوط حافزا للانطلاق بقوة وعزيمة اكثر مما كان عليه قبل الخساره ، انني لا ارى خسارتنا امام شيلي عيبا ولكني كما العراقيون جميعا اراها الما ووجعا وهذا الوجع ضروري ومهم ليكون لنا دافعا وحافزا على البناء والتخطيط والتطور.
اخيرا وليس اخرا ، فان ما يجري داخل اروقة اتحاد الكرة عبارة عن اخطاء كبيرة تترى الواحدة بعد الاخرى ولن يكون لها اي دور سوى انها ستساهم في تاخر الكرة العراقية وستكون عقبة امام تطورها ، وسيكشف الزمن قريبا حجم هذه الاخطاء ، وسيندم الكثيرون ، ولات حيث مندم.