المثقف الأعور؟ |
الكثير من المثقفين الإسلاميين عند تفسيرهم للأحداث التي تعاصرهم تراهم يلوون أعناق الحقائق لتتماشى مع الذوق والمزاج الخاص بهم! مع تأطير ذلك الذوق والمزاج برؤية دينية مطاطية تكون جاهزة للتفسير حسب الطلب وحسب الايدولوجيا التي يؤمنون بها فعند قراءتهم لنص تاريخي أظهرت الأحداث خلاف ما يقوله النص تراهم يفسرون ذلك بان المصلحة اقتضت ذلك او ان هناك أمور غيبية ارتأت ذلك وهذا ما يسبب لنا إرباكاً كبيراً جدا في تفسير الكثير من الأمور التي تلامس الواقع الفكري للمجتمع وتضعه أمام تخبط كبير في قراءة النصوص التاريخية التي ناسبت بعضها زمن معين وانتفت في الزمن الآخر لأنه يتغير الحكم بتغير الموضوع وعلى المثقف الإسلامي ان يفتح عينيه جيدا لإدراك هذا الأمر وان لا ينظر بعين واحده تُريه ما يريد ان يراه هو فقط وليس الواقع فعلا وما لم يتم التجرد في الرؤية بكل أنواعه بدءاً من التجرد من العواطف والانفعالات وعملية إسقاط صور مثالية في الذهن على واقع وأشخاص عاديون جدا مقيدون بزمانهم ومكانهم فان الرؤية سوف لن تكون إلا عوراء وبتراء وغير موصولة وهذا ما سبب ويسبب لنا تخبط واضح في تفسير الكثير من الظواهر والمواقف التاريخية والمعاصرة أيضا ,, ان العين التي تمارس النظر بهذه الطريقة يتعذر عليها إعطائنا رؤية رزينة وواضحة للنقد والأصالة في الطرح ويتعذر عليها نقد التراث وبيان ضحالة بعض متبنياته وأصالة بعضها الآخر لذا نحن بحاجة ملحة لمثقفين ينظرون بعينين وان لا يضعوا نضارة سوداء او حمراء تريهم حقيقة مُلونة لونوها مُسبقا بنظاراتهم وأيدلوجياتهم وأفكارهم لتتناسب بالتالي مع مزاجهم وذوقهم وتقدم كعلب جاهزة لأتباعهم ولك ان تفسر ما يجري ويدور في واقعنا المعاصر وما جرته الثقافة العوراء من تفسيرات أفسدت ولازالت تُفسد الحياة بمختلف أشكالها وأبعادها ,,الثقافة العوراء أنتجت لنا واقع اعور بكل ما تحمله الكلمة من معنى وفي شتى صنوف الحياة وتفسيراتها فهي أنتجت لنا جيل هجين من الشباب المتعصب الذي لا يوجد في ذهنه غير التاريخ وتراه منفصل كليا عن واقعه المعاصر وحائر بما يدور من حوله فهو يتمسك بالرؤية العوراء اشد التمسك ظنا منه انها الرؤية الأصيلة والوحيدة التي يمكن ان تساير الحياة وبذلك سوف يكون عبئا كبيرا على الحياة وظلا ثقيلا فيها وأنتج لنا هذا الواقع كذلك علاقات اجتماعية وسياسية عوراء تُربك المجتمع وتُفقدهُ القدرة على الموازنة بين قراءة التاريخ والقدره على الاندماج مع الواقع المعاصر. |