كارت "الجهل"، وكارت "الفقر"، هما الكارتان اللذان وصل بهما الإخوان للحكم، وها هم بعدما سقطوا، وانكشفت سوأتُهم، ما زالوا لا يعرفون اللعبَ، إلا بهما. ببساطة لأن الإخوان عبر تاريخهم، لا يجيدون إلا استغلال "أزمات" الناس وحوائجهم ونواقصهم. ولا شك أن الجهل والفقر يقفان على قمة أزمات البشرية ونواقصها. كارت الفقر، أقبحُ كروت اللعب وأكثرها دناءة. فالذي يصلُ إلى الحكم بشراء صوت الفقير، سوف يعمل قصارى جهده لكي يظلَّ الفقيرُ فقيرًا، مُعدمًا مُعوزًا، حتى يستطيع شراءَ صوته مرةً ومرّات. لن يبني له مصنعًا ليعملَ ويكسبَ قوتَ يومِه ويستقلّ، فيتعفّف عن السؤال، ويملك زمامَ قراره الحرّ. بل سيكرّس فيه الاتكالية والتبعية والتسوّل، بأن يُلقي إليه فُتات الموائد، فقط ليقيم أودَه، على أن يظلَّ تابعًا جائعًا، يترقّبُ يدَ الإحسان كلَّ نهار ومساء. هذا ما يفعله الإخوان في مستعمرة رابعة العدوية الآن. يجتذبون بسطاء القرويين وفقراء المدن بالطعام المجانيّ دون عمل أو تعب، وتوزيع الأجهزة الكهربائية والهدايا والملابس، مثلما يجتذب اللصُّ طفلاً بقطعة حلوى. وكانت آخرَ رشاوى الإخوان لمرتزقة رابعة، شاحنةٌ مليئة بأجهزة التليفزيون لاجتذاب الفقراء للمستعمرة. بئس قوم يبنون سلطانَهم ونفوذهم بالرشاوى! الكارت الثاني هو الجهل. وهو أقبح من كارت الفقر. فالذي يشتري صوتَ الجاهل بترويج الأكاذيب واستغلال أُميّته الدينية والأبجدية، سيبذل وسعَه لكي يظلَّ الجاهلُ جاهلاً غافلاً، حتى يشتري صوتَه مرّةً ومرّات. لن يبني له مدرسةً لكي يتخلّص من أميّته، ولا جامعة ليتعلّم ويفهم كيف يدور العالم من حوله، ولا مكتبةً ليتثقف ويستنير ويبني دماغه ويمتلك قرار وإرادته، ولن يجلبَ له علماءَ دين ثقاةً محترمين لكي يخطبوا في المساجد فيمحون الجهلَ الدينيّ ويستبدلون به نورًا وتنويرًا وإشراقًا. الفاشيون يرومون أن يظلّ البسطاءُ على حالهم من بساطة الوعي والغفلة، لكي يخدعوهم زاعمين أنهم أولو التُّقى وممثلو الإسلام ومطبقو شرع الله في الأرض. وهذا ما يفعله الإخوان حرفيًّا في رابعة والنهضة وغيرهما. يصرخون على المنصة: "مرسي عائد، والإسلام عائد، فاحملوا الأكفان وهلمّوا للشهادة"! وهنا مغالطة بشعة تحمل أكذوبتين: أولاً: كأن "مرسي" هو "الإسلام"! وثانيًا: كأنما الإسلام لم يدخل مصرَ إلا في عهد مرسي التعس، وبعد سقوطه، هرب الإسلامُ من مصر! فيُجبر الآباءُ أطفالَهم على حمل الأكفان! هنا نتذكر في أسًى حكمة فيلسوف الإسلام أبو الوليد بن رشد: "إذا أردتَ أن تتحكّم في جاهل، عليك أن تغلّفَ كلَّ باطلٍ بغلافٍ ديني." بئس قوم يبنون سلطانهم الواهن بجهل البسطاء. على الإخوان الحذرُ من التاريخ، الذي سيسطر بشاعتهم في مدونته السوداء.
|