اهالي البصرة صامتون ، واجمون ، تؤلمهم اعاقة تشريع قانون العاصمة الاقتصادية ، اصل الموضوع مبادرة لسماحة السيد عمار الحكيم في اطار برنامج المجلس الاعلى ذي الملفات الاستراتيجية مثل : الازمة السياسية والأمن والفساد والفقر والبطالة والاقتصاد والتنمية واعمار العراق ، كتلة المواطن تابعت المشروع ليأخذ مجراه عبر مراحل التشريع العادية ، كان تأجيل المشروع بذريعة شحة الاموال ، لكن ليس كل ما في المشروع يحتاج الى المال فهناك قضية توسيع صلاحيات مجلس المحافظة ، وتغيير الهيكلية الادارية ، ومنح المحافظة سلطة اوسع على المنشآت الاتحادية فيها كالموانئ والمطارات والنفط والغاز والسكك الحديد ، ثم تأسيس امانة للبصرة كأمانة العاصمة ، والاهتمام الاستثنائي بالسياحة ، وتنظيم سلطة المحافظة على المنافذ الحدودية . هناك ايضا مرجح دستوري سابق وواضح تقره المادة 112 من الدستور وفيها اشتراك الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة ، على ان توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع الحجم السكاني في جميع انحاء البلاد ، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للاقاليم المتضررة في ظل النظام السابق وما بعده وتحقيق التوازن والعدالة وينظم ذلك بقانون . وفيها ايضا تعاون الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة في رسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، باحدث التقنيات وتشجيع الاستثمار. لكن لماذا بدت بعض الجهات غير متحمسة لهذا المشروع ؟ هناك عدة اسباب اهمها ان بعض الاطراف تريد ان تبقى البصرة مجرد مستنقع نفطي كبير تذهب عوائده ذات اليمين وذات الشمال بالحلال والحرام باجراءات علنية او سرية ، بينما اهلها حفاة عراة تصهرهم الشمس ويخنقهم دخان المصافي وتزكم انوفهم رائحة النفط ، فهم كالجمل يحمل ذهبا ويأكل العاقول ، فاذا قدر لهذه المدينة ان تكون عاصمة اقتصادية فسوف تتصرف بشكل آخر ، وقد تنجح لاحقا في انتزاع قوانين تمنحها قيمومة أكثر على ثرواتها بما لايروق لمن يعيشون على ثروة البصرة وفقرها ، الى ذلك يرى البعض ان ازدهار البصرة دعم للاغلبية الطائفية فيها وفي العراق ! لما تحققه من هيمنة اقتصادية تعزز النفوذ السياسي ! والهاجس الأهم ان البصرة فوهة العراق على البحار فاذا ازدهرت تصبح عاصمة اقتصادية لكل المنطقة ، وقد يؤدي ذلك الى افول نجم مدن بحرية عربية مهمة لا تملك المقومات الجغرافية والاستراتيجية والثقافية الكافية ، الاطراف الاقليمية الخائفة من مستقبل البصرة لها اصدقاء اوفياء في بغداد ، لكن القضية تبدو اكثر تعقيدا عندما تسجل كمكسب انتخابي للمجلس الاعلى لانه صاحب المبادرة ، صحيح ان نوابا ونائبات وساسة ومشايخ كل من موقعه اكد فورا انه دعا الى هذا القانون منذ زمن بعيد ، لكن هذه الاستدراكات متاخرة فالمبادرة سجلت باسماء اصحابها وانتهت القضية ، فيجب اعاقة المشروع لاسباب انتخابية ! أول المرتاحين لتجميد القرار الطبقة البرجوازية الطارئة التي تحتلب البصرة بصمت . القضية تتطلب جهدا ناعما دستوريا وسياسيا مستمرا ، لجعل الموضوع في الواجهة وانقاذه من النسيان على الأقل
|