السيطرة و "سيطرةٌ " ليست كباقي السيطرات ..!!

 

وضعنا فواصلاً على كلمة " سيطرة " الواردة في العنوان , بغية التوضيح  لبعض القرّاء العرب بأنّها استخدامٌ مجازيّ مختصر في اللهجة العراقية لِما يُعرف ب " نقطة تفتيش " والتي يُصطلح عليها عالمياً ب  CHECK POINT , وتُسمّى    في بعض البلدان العربية كلبنان وسوريا ب " حاجز " , ولا توجد لها تسمياتٌ  مغايرة  في بقية الدول العربية الأخرى لأنّ نقاط التفتيش غير موجودة اصلاً .!     إلاَ داخل بعض الثكنات العسكرية او في استثناءاتٍ نادرة الحصول . وسوف لا نتحدّثُ هنا ونقول انه في العراق توجد " سيطرة " في كلّ شارع , و " سيطرة " اخرى  في الشارع المتّصل بهذا الشارع  ولانتحدّث هنا ايضا بأنّ هنالك " سيطرة في بداية بعض الجسور و اخرى بنهاية ذات الجسور , لا . لا  سوف لانذكر ذلك  كي لا نغدو مسخرة أمام العالم العربي والافريقي والاوربي ... وبالعودة السريعه المتدرّجة قليلاً الى مفردة " سيطرة " المكبّلة بالفواصل او بالمهازل , فنبتدئ القول  من هذا الهَول  - والقولُ هنا ذو صلة بالحديث -  بأنّ شارع الزوراء في   بغداد يُعَد من اهم الشوارع الستراتيجية فيها حيث تتجه نحوه وتسير فيه  الآلاف    من السيارات القادمه من المحافظات الغربية ومحافظات الفرات الأوسط الجنوبية بالإضافة الى آلافٍ من مركبات المواطنين الذين يقطنون مناطقاً واحياءً سكنية مكتظه وواسعه على امتدادات هذا الشارع الذي سُمّي بهذا الأسم نسبةً الى متنزّه الزوراء الواسع الذي تمتد حافّة  سياجه من بداية الى نهاية هذا الشارع .. " سيطرةُ " هذا الشارع او نقطة التفتيش التي تقع قرب نهايته "  هي  بعيدةٌ عن المنطقة الخضراء " و تُعتبَر هذه النقطة لدى كافة المواطنين " وبكلّ المقاييس " : إنطلاقةٌ مجنونة لتهييج الأعصاب منذ الصباح الباكر , وهناك يجري التأخير الطويل   المتعمّد والمفتعل للعجلات والمركبات وجعل الناس ينتظرون لساعاتٍ او الترجّل   من السيارات والذهاب سيراً على الأقدام لعدّة كيلومترات , إذ تمتد طوابير   السيارات المنتظرة والمتوقّفة الى ما خلف ساحة النسور بمسافات , كما تتقاطع طوابير   الأنتظار من اتجاه شارع المأمون , وذات الأمر من اتجاه منطقة المنصور  , إنّ ما تفعله هذه " السيطرة " يُعد عملية تعذيب سيكولوجي لامُبرَّر ولا مُسَوَّغ       , بالرغم من اجهزة الكشف عن المتفجرات الفاشلة الذائعة الصيت , وقد بلغ التصوّر الجمعي عند الكثير من المواطنين عن سبب هذا الإذلال المقصود , يتشكّلُ من احتمالين لا ثالثَ لهما : فإمّا ان يكون الضابط المسؤول عن هذه السيطرة يتعمّد تحريض الناس ضدّ الحكومة بإثارة تذمّرهم والتسبب في الإيذاء النفسي والتضييق عليهم وممارسة ما أمكنه من ضغوطٍ واستفزازٍ للمشاعر , وأمّا  الإحتمال الآخر فلا يتجاوزُ إفتراضَ توجيهٍ من جهاتٍ عليا للمسؤولين عن هذه " السيطرة " بممارسة هذا التضييق لسببٍ خارج حدود المنطق , سببٌ مطلٍ بالإبهام وملفوفٌ بالغموض , وذلك لأنّ نقاط التفتيش الأخرى وبما فيها القريبة من المنطقة الخضراء لا تمارس هذه " الدرجة " من الإيذاء وإزعاج المواطنين , فلماذ هذا الذي يجري .!؟ , إنّ ما يجري في الواقع يمثّلُ احجيةً والغازاً وطلاسم , ولا تستطيع إدراكه ولا فكّ رموزه اذكى واعتى اجهزة المخابرات في العالم . إنّه ليس بتعبيرٍ مجازيٍ بتاتاً القول بأنّ حركةَ سلحفاةٍ في شارع الزوراء والشوارع الممتدة نحوه هي اسرع من حركة العجلات لأنّ طوابير المركبات والسيارات غالبا متوقفه , لكنها تتحرك بضعة امتار بعد كلّ مشوارٍ من انتظار 
 ثانياً : نتحوّل هنا الى المفردة الأخرى من العنوان  >السيطرة CONTROL-  <  والتي تستخدم هذه التسمية عدد من اللغات المتفرّعة عن اللاتينية , والتي يتّسع استخدامها في مجالاتٍ متعددة بدءا من >ضبط النفس  SELF CONTROL -  <  والى السيطرة على كلّ شيء ولا سيّما  الأمن والوضع العسكري  . أمّا عن السيطرة على الأمن في العراق , فإنها من دواعي الأسى والأسف , ومن دواعي المفارقات والتناقضات أنّ القوات الأمريكية الغازية في احتلالها للعراق لم تتعامل  مع المواطنين " في هذا المجال " مثلما يجري الآن , فالأمريكان لم ينصبوا شبكةً         " اخطبوطية " من نقاط التفتيش شملت  كافة الشوارع والجسور , كما لم يقوموا  بتفتيش المركبات بهذه الطريقة البالية " على الرغمِ مما ارتكبوه من جرائمٍ في احتلالهم للعراق , وعلى الرغمِ ايضا مما واجهوه من مقاومةٍ مسلّحة , والمسألة     هنا لا تتعلق بأمتلاكهم للدبابات والمقاتلات , المسألة ترتبط فقط بالعقلِ والقِيم . و   الى ذلك نُذَكّر  بأنّ رئيس الوزراء سبق وان صرّح منذ شهورٍ قلائل بأنّ > الإرهاب يُمارَس في العراق بأسلحة الدولة وبهويات الدولة وبسيارات الدولة  < , وما    مفهومٌ من هذا الكلام الواضح أنَّ هؤلاء الأرهابيين ينتسبون بشكلٍ او بآخر الى الطبقةِ السياسية والى احزاب السلطة , فلماذا إذن تجري معاملة الشعب برمّته على انهم " مشبوهون .!! “وينبغي تفتيش الشعب بحافلاته وعجلاته منذ الخروج من المنازل والى غاية العودةِ اليها اينما وحيثما مرّوا .! علماً انّ اغلب الطُرُقات والشوارع الفرعية داخل المناطق السكنية لاتزال مغلقة وأنّ حركة السيارات داخل هذه المناطق اقرب  الى حركة ال < ZIG ZAG   > وهي حركةٌ متعرّجة اشبه بلعبة " الحيّةُ والدرج " والى ذلك ايضا فقد كشفت التحقيقات البريطانية المتعلّقة بأجهزة كشف المتفجرات المستعملة بالعراق أنّ " الرقائق الألكترونية لهذه الأجهزة هي ذات الرقائق المستخدمة في لُعب الأطفال " .! هنالك الآن سؤالٌ واحد يظلُّ يؤرّق وسيبقى يؤرٌّق : - فلو افترضنا جزافاً انّ الأجهزة المستخدمة في نقاط التفتيش فعّالة بنسبة  مئه بالمئة , فهل يتقبّل المنطق انّ الأرهابي سيمرّ بسيارته المحمّلة بالمتفجرات  في ايٍّ من " السيطرات " كي يجري القاء القبض عليه .! وهذا السؤال التمهيديّ المُبسّط يتفرّع الى سؤالٍ ستراتيجيّ او اكثر من ستراتيجي : > لماذا لا نفترض انّ الأرهابي  يحمل العبوة او مستلزمات التفجير معه ماشياً وسائرا على الأقدام , قاطعاً مسافةً ما ليتسلّمها منه ارهابيٌّ آخر , وهكذا وصولا الى المكان المراد ان تجري عملية تفجير العبوة او المفخخة فيه .! < وانه من العبث عدم تصوّر القيادات الأمنية لذلك, فلماذا ايذاء الناس بهذه “السيطرات ؟ " أهي السيطرةُ على الوضع الأمني منذ عدة سنوات والى عدة سنواتٍ قادمات ...!!