المصالحة ومفخخاتها الوطنية

 

مرة اخرى تعود شماعة المصالحة الوطنية الى الواجهة السياسية  ليعلق عليها البعض خطيئة اي انهيار امني او تدهور في الخدمات, في الوقت الذي تعترف بعض الجهات ضمنياً بمسؤوليتها عنه , ونظرا للغط الكبير الحاصل في البلاد تضيع فحوى التصريحات الوقحة والسافلة بين اصوات الصراخ المستفحل في المشهد العراقي , فالشعب يندب حظه العاثر بنتائج التغيير الكارثية غير المتوقعة!! والاعلام يبكي بحرقة على الخراب ولايدخر وسعاً في توظيف الاحداث مهما بلغت فداحتها ومأساويتها لتغذية مشروعه التخريبي واثبات  صدق رؤيته الخارقة للاحداث وتنبأته الخرافية في قراءة الواقع , وكل من لديه عقدة او مشكلة مع جهة سياسية اخرى يجد هذه المناسبة فرصة ثمينة للتنفيس عن حنقه وحقده, كما سبق واشرت الى ذلك في عدة مناسبات, اي اننا نشهد سوق شعبي بُعيد كل مصيبة تحل على رؤوس اهلنا في العراق يتبارى فيه الباعة المسؤولون لاطلاق الشعارات الوطنجية الفاخرة لترويج بضائعهم التالفة الى الحمقى او حديثي العهد بالتجارة ـ السياسة ـ الراهنة.

 

اذن اسباب الموت المستمر في الشارع العراقي وبهذه الكيفية المروعة تتضح من خلال التبريرات  المطروحة في الاعلام من قبل نجوم الاعلام السياسي ومحللي زمن مابعد التغيير ,لان من يوعز موجة الارهاب وارتفاع شدة وتيرته في كل مرة الى الخلافات السياسية وعدم الانسجام بين الكتل ويصر بسذاجة منقطعة النظيرعلى هذا التصنيف الضبابي والاميبي , انما يشير بعلم او بدونه الى مسؤولية جهة او جهات معينة برعاية الارهاب ودعمه بل وربما المشاركة فيه بقوة, لانها وفق تصنيفه لاتجد ـ اي الكتل السياسية ـ السبيل للتوصل لحلول مرضية لاطماع واحلام احزابها او طوائفها , لذا فهي تلجأ الى نحر الناس الابرياء  بروح " وطنية عالية "  في الاسواق والمقاهي على امل تحقيق ماتصبو اليه, ولكن المفارقة المثيرة , لااحد يسأل هؤلاء  صراحة عن  جوهر العلاقة بين عدم اكتمال اعمدة خيمة المصالحة لتضم جموع المتخاصمين بدون استثناء, وبين من يقتل الشعب باعداد هائلة كل يوم وبدم بارد وباصرار طائفي قذر!!.

فان كان الارهاب نتيجة حتمية للخلافات السياسية من جهة وعدم تفعيل المصالحة الوطنية من جهة اخرى , فذلك يعني بان الارهابيين مطلوب ان يدخلوا ضمن المصالحة  بصرف النظر عن نشاطاتهم الاجرامية المستمرة ونفهم ايضا بان توقفها مرهون بهذه الجهة السياسية او تلك, اي ان مفاتيح  القاعدة وغيرها بيد بعض الساسة داخل العملية السياسية!! ولهذه الاحزاب المتحمسة للمصالحة سلطة  حقيقية على المجاميع الارهابية ومواطني "دولة العراق التفخيخية"! او انها مجرد ورقة ليس في ايديهم ولكنهم يحاولون الايحاء بالملكية من خلال دعواتهم!! لاندري , فالامر  كله مرهون بالبغدادي واحبابه والمتعاطفين مع مبادئه الارهابية السامية .

ولكن مايدعو للدهشة حقاً  ان فضاءات هذه المصالحة راحت تتسع وتكبر مع مرور السنين وكأنها جهنم كلما أُلقي فيها قالت هل من مزيد ؟ وكلما تقدمنا خطوة الى الامام مع انحسار واضح في الاستقرار والامان , اصطدمنا بمواقف جديدة وتصريحات  مكررة كان آخرها  للنائب البعثي محمد الكربولي تطالب بمصالحة شاملة وعامة وكافية وشافية!! والنتيجة ستبقى البلاد  تحت التهديد المسلح الى اجل غير مسمى , طالما لا طاقة لاحد  على احصاء الاعداد الحقيقية للزعلانيين حتى يتم مصالحتهم وتطييب خواطرهم بمناصب مرموقة!!.

المبهم في موضوع الصراع العراقي هو عدم اتخاذ اي طرف سوى كانت الحكومة التي تصفق للمصالحة منذ سبع سنوات دون طائل ,او اي حزب سياسي آخر او كتلة , موقف حازم وصريح تجاه من يروج لفكرة ان التفجيرات والارهاب  نتيجة للخلافات السياسية ,وايقافه امام المحكمة ليبين لهم كيف استوى الامر لديه وكيف توصل الى هذه النتيجة!! حتى يتم الكشف عن هذه الجهات السياسية بوضوح للشعب طالما هي مرتبطة حسب مايقال بالقتل والذبح والتفخيخ, وبذلك لايمكن القاء اللوم على السلطة التنفيذية فحسب بل على جميع المشتركين في هذه الجرائم الدموية ضد ابناء الشعب العراقي.

 الايادي الملطخة بالدماء لاتصلح للسلام