نتفهم كثيراً الوضع الامني في العراق ولا يمكن لاي انسان أن يغمض عينيه عن الجرائم الارهابية التي تنتهك حرمة الدم العراقي في كل يوم بل في كل ساعة ابتداءً من اقصى نقطة في شمال العراق الى آخر ذرة تراب على ضفاف مياه الخليج الدافئة .
وأيضا نتفهم الوضع السياسي الذي يمر فيه العراق الذي لازال في دور الحضانة في سلم التدرج الديمقراطي والذي تمر فيه الشعوب عادةً في رحلتها الى صعود الصرح الديمقراطي وان كنت اتحفظ على هذا الوصف اذا قُصد به الشعب العراقي لان الشعب العراقي هضم العمل الديمقراطي واجاد استخدامه لكن الذي لازال في دور الحضانة في العمل الديمقراطي هم السياسيون..ونتفهم كثيرا المؤمرات التي تحاك لعراقنا الحبيب لتفتيت لحمته الوطنية وتفكيكه لبيعه خردة في وول ستريت بدءً من مؤامرات الربيع العربي الذي كنا نحسبه ربيعاً الى صيف الكهرباء العراقي ودعابة تصديره الى المانيــا لكن الذي لانتفهمه ولا يمكن لنا السكوت عنه ولا يستطيع غيــور عراقي ان يتجاهله هو ... مافيات النقل التي ادخلت مطارات العراق في محمياتها وسلطانها بحيث اصبحت عصية حتى على اكبر مجاهدي بدر الشجعان الذين استلموا وزارة النقل حيث تأملنا منهم خيراً في ازاحة هذه المافيات المعشعشة في مطارات العراق وبالخصوص في مطار البصرة .
لم اكتب مقالي هذا بالرغم من اني وعدت من رافقني في رحلة الطيران من مطار دسلدورف في المانيا الى مطار البصرة مروراٍ بمطاردبي لاني كنت انتظر نتيجة الشكوى التي ادخلتها في صندوق الشكاوى المعلق على احد جدران المطار حيث تعوّدت ان اتبع الطريقة التي اختارها المسؤولون في معالجة الخلل لكي أُلقي الحجة عليهم اولا ثم بعد ذلك اكتب ما أراه مناسبا نصرة لعراقنا الحبيب الذي نتمنى له ان يكون افضل واكثر تطوراً ونمواً .
بدأت سفرتي من بيتي الى مطار دسلدورف الذي يبعد 38 كيلوا متر مستقلاّ احد اكثر القطارات تطورا في العالم دافعا 4.90 اربعة يورو وتسعين سنتاً وهي تعادل سبعة آلاف دينار عراقي لاغير ومن المطار الى دبي ثم الى مطار البصرة وهنا بيت القصيد ومأساة لا تنتهي ابتلى بها العراقيون اهل الحضارة والغنى .
عندما نزلت من سلم الطائرة الاماراتية العملاقة كانت تنتظرنا باصات نقلتنا الى صالة المطار المظلمة فأستقبلنا ضباط الجوازات بأحسن استقبال وأجمل ابتسامة عراقية خالصة بالرغم من ان العراقيين لا يتوقعون ابتسامة من ضباط برتبة عقيد ومقدم واقسم انهم يقدمون المساعدة بأفضل مما يتوقعه انسان من شعب حطمته الحروب وافجعه الطغاة ...وبعد انتهاء فحص الجواز انتقلنا الى استلام الحقائب فقدم لي احد عمال النظافة عربة حمل عليها حقائبي وسار معي الى بوابة الصالة وقلبي يحدثني عن سبب ترك عمال النظافة واجباتهم في تنظيف صالة المطار التي يتقيأ الداخل اليها من النتانة والازبال، فبادرت أسأله عن سر مساعدته لي وترك واجبه في التظيف فأجابني بكل حسرة ذلك الصبي الذي لايتجاوز عمره الخمسة عشر ربيعا انه ملزم بهذا العمل ليجني خمسة آلاف دينار عن كل مسافر ، يدفعها الى رئيسه في شركة التنظيف لكي يبقيه مستمرا في العمل لليوم التالي ... شرط ان يدفع على الاقل عشرة آلاف يوميا ... فدفعت له الخمسة آلاف بكل لوعه وحزن ... على مصير بلد هذا حال شبابه ... ولما صرنا الى بوابة الصالة فوجئنا بأن اصحاب السيارات السوداء يطالبونا بدفع 30 الف دينار لنقلنا الى بوابة المطار الخارجية التي تبعد اقل من 2 كيلو متر وهي تساوي عشرين يورو !!..تصوروا .... انتقل في المانيا بأحداث قطارات العالم مسافة 38 كيلو متر بسعر سبعة آلاف دينار ويراد مني دفع 30 الف دينار لمسافة اقل من 2 كيلو متر وهي المسافة التي تفصل صالة مطار البصرة عن البوابة الخارجية ..طبعا رفضت هذا الابتزاز بكل عنفوان مشجعي (بايرن منشن) الذين وفرت لهم الدولة طائرات بأسعار مناسبة نقلتهم الى لندن للاستمتاع بمشاهدة مباراة بايرن مع برشلونه ..فقلت لمنظم دورإنطلاق السيارات (السرة )ان هذا ابتزاز وعمل خارج القانون ويجب على الدولة ان تعطي هذا الواجب الى غيركم ليكون منصفا ولا يبتز المسافرين فأجابني بسخرية لم اعهدها من بصري سابقاً : ياقانون يادولة قانون والله ( ما ننطيهه ) ولو اضطرينا الى حرق المطار بالهاونات عمي انت سامع عن المافيات ؟
قلت له : نعم ، قال : احنه مافيات ، شايف هذا وزير النقل ابو بدر ؟ هم ما يكدر يشيلنه من هذا المكان ، قلت له : الذنب ليس ذنبك انما هو ذنب وزير النقل وهو الذي يتحمل مسؤولية هذه السرقة التي يتعرض لها كل عراقي يجلبه حظه العاثر الى مطار البصرة .
علما ان مطار اربيل يقوم بنقل المسافرين من صالات المطار الى البوابة الخارجية مجانا مع توفير عمال آسيويين يتكفلون حمل الحقائب وانزالها وايضا بالمجان .
فهل هذا ايضا كهرباء لا تستطيعون توفيره ياحكومة الازمات ؟!
نسخه منه الى :
وزير النقل المحترم
محافظ البصرة المحترم
|