قطار الإستدمار



كلما جاب المرء أرض الجزائر شرقا وغربا، إلا وحمد الله تعالى على نعمة طريق السّيار. فالمسافر يقطع الجزائر، التي تفوق مساحتها 05 مرات مساحة فرنسا، والأولى مساحة في إفريقيا، بعد تقسيم السودان الشقيق،  في ساعات معدودات، وفي أمن وراحة وسلام .. لذلك وجب تقديم الشكر لكل من ساهم في تشييد طريق السّيار.

 

 ومن الجور في حقّ كل السّاهرين، أن يُحصر الشكر في شخص واحد، كما أنّه من الإجحاف، أن يتحمل عيوب السّيار، شخص واحد. فطريق السّيار أكبر من أن يقوم به شخص واحد، والجزائر أكبر من يختصرها مجهود شخص واحد .. فالشكر إذن للجميع ودون استثناء. وإذا كان هناك تفريط وتقصيروتبذير وإهمال، يتحمّله الجميع ودون استثناء.

 

لكن هذا العمل المنجز، والواضح المعالم، البيّن الفوائد، مازال بحاجة إلى من يضيف إليه، ويرتقي به لمصاف الكمال .. فلا يُعقل أن تستغرق المسافة الرابطة بين الشلف وتنس، والمقدرة بـ 50 كلم، ساعتان من الزمن، والسبب في ذلك ..

 

 أن الطريق الوحيد مازال على حاله، لم يشهد توسعة ولا تحسينا، فبقي عاجزا عن استيعاب عدد المركبات المختلفة، وتوافد الزائرين على السواحل والشواطى.

ومازاد الأمر تعقيدا، وحركة المرور اكتظاظا، إلغاء السكة الحديدية المؤدية إلى ميناء تنس، عبر محطة القطار بالشلف.

 

الاستدمار الفرنسي، بنى السكة الحديدية، قصد نهب الخيرات، وإيصالها إلى فرنسا في أسرع وقت وفي أحسن حال، لأنه كان على يقين تام، أنه سيظل في الجزائر، وتبقى الجزائر قطعة فرنسية إلى الأبد، ولم يكن له أدنى شك في أنه سيُطرد من أرض الجزائر، لذلك شيّد الطرقات والجسور والأنفاق، بدماء وعرق الجزائريين، ولو كان يشك في بقاءه لحظة واحدة، ماأقام حجرا على حجر.

 

ومن الأخطاء التي ارتكبت غداة استرجاع السيادة الوطنية، هي إزالة خط السكة الحديدية الرابط بين الشلف وميناء تنس، الذي شُيّد في عهد الاستدمار الفرنسي، مازاد في تفاقم حركة المرور، خاصة في السنوات الأخيرة.

 

والسؤال المطروح .. متى يعود هذا الخط، ويربط بين اليابسة والبحر، ويساهم في البناء والتعمير، بعدما وضعه الاستدمار للنهب والهدم؟.