لو نشبت الحرب الأهلية في العراق، من يستطيع إطفاءها



مع زيادة التحذيرات الاممية والاقليمية والمحلية من احتمال إندلاع الحرب الأهلية في العراق، ثمة تساؤلات حول هوية الذي، أو الذين، يستطيعون ايقافها في حالة اعلانها، ولماذا لايعملون أصلاً على منع إندلاعها؟. الأمريكيون المكتفون حتى الان بتقديم النصائح وتوجيه التحذيرات لا يرغبون في التدخل بعد تجربتهم السابقة، وفي الوقت نفسه، لا يريدون في أن يضعوا أنفسهم في موضع يبدون فيه بأنهم لا يرغبون، ولذلك حددوا عدة نقاط، أهمها تدخل الدول المجاورة، والمقصود هو ايران، وإذا تم تجاوز الخطوط الحمراء من قبل طرف عراقي على حساب طرف آخر، ولكن، في الأسابيع الأخيرة، تم التأكد من مشاركة العراقيين في القتال الى جانب الاسد في سوريا وعراقيين آخرين الى جانب المعارضين له، وهذا يعني أن العراقيين دخلوا مرة أخرى الحرب فيما بينهم، ولكن على الأراضي السورية في الوقت الحالي، وانتقال القتال الى العراق يتطلب مجرد وقت، أو تهور مقصود واضح المعالم أوحتى غير واضح كي يعلن عن اتخاذ قرار متعجل بالتقاتل هنا بدلاً من الذهاب الى هناك. لقد اتضح أن الموقف الأمريكي يجبر الساسة العراقيين (فقط)على مواقف محددة، ولا يزال دول عديدة تدعم الميليشيات، وتصب الزيت على النار الهادئة، والبعض يحاول استغلال الفوضى واستمرار الصراع لمكاسب شخصية وطائفية ومذهبية، ولن تختلف النتيجة النهائية كثيراً عما هي الآن، ان تعجلوا بالحرب أم تأخروا. الدرس المستفاد بالنسبة لامريكا يتمثل في أنه من السهل نسبياً استخدام قوة تدخل تقليدية لتغيير الحكومة الحالية، ولكنه خلاف ذلك إن أرادت فرض نمط جديد من الحكومة، تكون أفضل معنوياً من سابقتها، وأكثر مقبوليةً من كل الحكومات المتعاقبة على الحكم في بغداد لدى العراقيين المختلفين على كل شيء والمتوحدين فقط في الرغبة الدائمة لتجربة الجديد، ويجب ألا ننسى أن الحرب الاهلية بين عامي2006و2008 خلفت آلاف القتلى من السّنة والشيعة، بسبب رغبة السنة للمقاومة ورغبة الشيعة لتولي زمام السلطة، وعدم مقدرة الامريكان من السيطرة على الاوضاع وكبح جماح المتقاتلين.. في العراق هناك من يريد اشعال الحرب لأسباب يعتبرها أخلاقية وضرورية، وهناك من يقابلها بنوع من اللامبالاة، وكأن الحرب لو اندلعت سيخوضها القليلون فقط دون أن يعرفوا مخاطرها العالية على الجميع. وهناك من يخشى أكثر ما يخشاه التهديد بالحرب الاهلية، وكأنهم يرون نتائجها الكارثية المدمرة. و بين مؤيد يعتقد أن الحرب نزهة ويعيش في أوهام وخيال، ومعارض عاقل باحث عن التهدئة لاستيعاب الدروس الكامنة المشابهة، لم يغفل المراقبون المصاعب الهائلة في التعامل مع الحالة العراقية، تبقى فكرة البحث عن الذي يستطيع ايقاف آلة الحرب الأهلية أو منع اندلاعها فكرة لطيفة، دون نسيان وجود امريكا في العراق خلال الحرب الاهلية الاولى وفشلها في ايقافها. وعلى العموم فأن العداء، وان تكبد خسائر كثيرة، وانفق ثروة هائلة، هو الثمرة التي سيحصل عليها من يحاول ايقاف الحروب الاهلية، أو التدخل فيها حيادياً أو الى جانب احد الاطراف المتصارعة، أو حتى من أجل خلق ديمقراطية دستورية، وما حدث لامريكا بعد العام 2003 دليل على ما نقول، حيث ما زال هناك أمور كثيرة خارج نطاق السيطرة، وما زال البعض(من الطرفين) يصف الامريكان بأنهم المسؤولين عن نزيف الدماء بدون تحقيق أهداف استراتيجية، لذلك نعتقد أن لاأحد يجازف بالتدخل في العراق مهما كان نوع القتال والدمار والكوارث، وان البحث عن آلية لمنع اندلاع الحرب الأهلية بين العراقيين هو الاجدر والانفع من البحث والتوسل من الآخرين لإيقافها، ويتحقق ذلك بجلوس العراقيين على مائدة الحوار، ليس للتفاهم على الادارة والشراكة والتوافق، بل لتقسيم ما هو مقسوم، بالعقل والحكمة والمنطق، والاعتراف بالحقائق التي تؤشر الى استحالة الاستمرار في التعايش وفق الحالة الحالية، ولكي يرسموا خارطة جديدة للعراق تعبر عن الارادة والرغبة والجدية؟