عيّرونا بكم ..

 

لم يعد مسلسل التفجيرات جديدا في موضوعه.. ولا مفاجئا.. فقد أصبح، رغما عن أنوف العراقيين، جزءا من واقعهم الذي بات فيه الموت أشبه ب(ضربة زار) قد تطال حياة أي منا  في أية لحظة وفي أي مكان. وعلى مدى العشر سنوات الماضية من عمر التغيير والحكومة الديمقراطية السعيدة، لم تسلم محافظة او منطقة في العراق من حدود كردستانه حتى اطراف جنوبه من غضب الارهاب.. ولم يذق طعم الامن والسلام الا لبضعة اشهر خلال العام 2009 عند نجاح خطة فرض القانون التي أصبحت (اكسباير) بعد ان شمر الارهاب عن ساعديه ليصدّر الموت بالجملة. فخلال تلك السنوات، كان يحدث تفجير واحد او اثنان في مكان ما من العاصمة او احدى المحافظات، وقد يمر اسبوع او شهر قبل أن يحدث آخر، ريثما يلتقط الارهابيون انفاسهم ويجمعون شتاتهم مما كان يشير الى حضور أمني وان شابته بعض الاختراقات. أما خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة، على وجه التحديد، فقد تضاعف الامر حتى تجاوز عدد التفجيرات الخمسة عشر في اليوم الواحد وتوزعت في اماكن عديدة، وعادة  مايكون فيها للعاصمة بغداد الحصة الأكبر.. وربما انقلب الامر فصار الارهابيون هم من يقود صولة الفرسان التي تتكرر لمرتين في الاسبوع الواحد احيانا لترتفع اعداد الشهداء والجرحى الى المئات. 
ومما يثير الاستغراب والغثيان، تصريحات بعض قادة المنظومة الامنية والعسكرية من ان مايحدث ماهو الا اختراقات لمجاميع ارهابية تلفظ انفاسها الأخيرة وان الوضع الامني بخير.. من الذي يلفظ انفاسه؟ واذا استمر الأمر على هذا المنوال.. هل ستتبقى لديكم أنفاس لتلفظوها؟
من الواضح طبعا في مسلسل التفجيرات ان المناطق الشيعية هي الاكثر استهدافا، وبالجملة ايضا، وقد تكرر الأمر لعشرات المرات، فلا سكان المناطق تململوا، ولا قادتهم انتخوا لدماؤهم.
يدهشني أولئك الذين يتباكون  على مظلومية الشيعة التي كانت تشل حركتهم لعشرات السنين في زمن النظام السابق، ولمئات السنين قبل ذلك.. ألم تنتهي هذه المظلومية بعد، وأنتم تقودون الحكم في دولة غالبيتها من الشيعة؟ الاتملكون وزارت الدفاع والداخلية والامن القومي التي مازالت في ذمة وكالاتكم حتى الآن رغم ان عمر الحكومة شارف على الانتهاء؟ ألا تسيطرون على منابع المال والنفط وكل مفاصل الدولة؟ فلم لم يحن الوقت لنزع ثوب المظلومية وحقن دماء ابناءكم؟
عندما ضرب مسجد سارية في محافظة ديالى، اقيمت الدنيا ولم تقعد من الاهالي وقادة السنة، وطالبوا بتدويل القضية واجراء تحقيق دولي. كذلك كان حظ تفجير صالة البليارد في العامرية الذي نال نفس الاهتمام بل اكبر.. حتى تحول استشهاد الشباب الخريجين في المقهى الى مأساة مازالت حتى الآن حديث شباب السنة وقادتهم على الفيس بوك؟ فهل هنالك فرق في ثمن الدم العراقي بين سني وشيعي؟ 
في حقيقة الأمر.. هنالك فرق بين شعور قادة السنة بأنهم يمثلون مكونهم ويدافعون عنه، بينما يعتبر قادة الشيعة ان ابناء هذا المكون مشروع موت دائم منذ استشهاد الحسين (ع) حتى يومنا هذا ليظلون يتباكون ويرزحون تحت سياط مظلوميتهم التي خلقوها بضعفهم وجبنهم.
ماكنت اتمنى يوما ان تطفو كلمات مثل السنة والشيعة على سطح اوراقي.. لكنهم عيّرونا بكم.. فقد استفزت تفجيرات الاربعاء احد السياسيين من قادة المكون السني، فاستهجن استهداف المناطق الشيعية المتكرر وسقوط المئات من ابناءها وسط سكوت قادة الشيعة الذين اهتزت شواربهم في البرلمان وتبادلوا اللكمات وضربات الاحذية وهم ينتخون لصور قادة ايرانيين طالب البعض برفعها من الشوارع، ولم يهتز لهم رمش وهم يشاهدون اشلاء ابناء هذا المكون تتناثر في كل انحاء بغداد؟ فمن يستحق وفاءكم ياقادة الشيعة، ورثة المظلومية الذين ظنوا انكم سترفعونها عنهم يوم قطعوا الدرب لانتخابكم، ام صور لقادة اغراب تستفز المواطن العراقي شيعيا كان ام سنيا؟  
أتساءل فقط هل سيزحف شيعتكم ثانية لانتخابكم بعد ان أصبحتم عارا عليهم!؟