الفَلاَشَا العرب |
جاء في التقرير الذي بثّته إحدى القنوات الغربية الناطقة باللغة العربية، أن آخر دفعة من الفلاشا الأثيوبيين، وصلت الأراضي المغتصبة. وأظهرت الصور، سجود وتقبيل الفلاشا "أرض الميعاد !"، بشوق وحنان.
وفي نفس اللحظة، الذي تُبّثُ فيها الصور، يقول أحد الأساتذة السوريين، عبر قناة غربية ناطقة باللغة العربية .. أن عدد القتلى من العرب في سورية، وصل إلى عشرة آلاف 10.000 مقاتل من جميع الأقطار العربية، باستثناء جيبوتي .. ثم ذكر الأستاذ السوري، أن العدد يصل إلى ثلاثة 03 أضعاف، إذا أخذ بعين الاعتبار – حسب رأيه دائما-، أن جثث القتلى العرب، يتم حرقها، لكي تمطس الهوية، ولاتعرف جنسية صاحبها.
ومن حقّ أهل الشأن، قبول الأرقام التي قدّمها الأستاذ أو دحضها، ومن حقّهم أيضا، تحديد الجهة التي انضم إليها المقاتلين العرب .. الأحياء منهم والأموات، والعائدين لأوطانهم، والذين رفضت أوطانهم استقبالهم، ونسبة العجم منهم، والقادمين من دول غير عربية. إن الدفعات المتتالية من الفلاشا وغيرهم، الذين رُحِلُوا إلى الأراضي المغتصبة، سيساهمون في بناء وطن لبني صهيون، وسيلدون أبناءً وأحفادًا، لايعرفون غير الأرض التي وُلدوا فيها. وسيقولون ماقاله ذلك الجندي الصهيوني، أثناء غزوه للبنان: This is my land، هذه أرضي. وسيموت من أجلها، ويقاتل ويقتل سكانها الأصليين، ويمنعهم بالتهديد والإغراء، من الرجوع لأرضهم، ويحرمهم من حق العودة.
بينما العرب الذي قدموا سورية، وقاتلوا لهذا ضد ذاك، أو لذاك ضد هذا .. دمّروا الشام، وشوّهوا صورته، وهدموا بنيته الأساسية. وأجرم كل منهم في حق الدار، فاحترقت عن آخرها، ولم يبق للأحياء منهم، ولمن تكون له الغلبة فيما بعد .. غير روائح الجثث المتناثرة، والأشلاء المتطايرة، وأبنية هاوية، وأيتام وثكلى، ورؤوس مقطوعة، وأرحام مبتورة، وأعراض منتهكة، ودموع وآهات وآلام.
إن عدد الفلاشا الأثيوبيين، الذين حملتهم الطائرة إلى "أرض الميعاد !" لايُذكرُ أصلا، أمام العدد الهائل من المقاتلين العرب الذين قَدِموا سورية، بغض النظر عن الجهة والغرض.
لكن العدد القليل من الفلاشا، جاء ليبني زَعْمَ الأجداد، ويُحْيي ماعجز عنه الأوائل. والكثير من العرب جاء فخرّب حضارة الأجداد، ومحى كل أثر للحقائق والإنجازات التي عاش لأجلها الأولون.
القليل من الفلاشا، تحمّل الهجرة والغربة، وهم الآن يُطِلون على العرب من نوافذ القدس. بينما المقاتلين العرب، هاجروا لقتال الأخ، وهجّروا الأهل والولد، واجتمعوا مع القدامى، والقادمين الجدد من الفلاشا في تهجيرأصحاب الأرض، وحرموا أنفسهم شرف دخول الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، وقالوا ماقال الأولون: " قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ "، المائدة - الآية 22.
|