زعماء يعبدون عمتهم أمريكا
 
 
 
من فيكم ينكر اصطفاف الحشود الحربية العربية وتجحفلها مع الفيالق الأمريكية المعادية لنا ؟, ومن فيكم ينكر تحالفها الوقح مع قوات المارينز واليانكيز المتحالفة ضدنا بما يسمى (قوات التحالف) ؟, ومن منكم يتجاهل التفافها حول رايتها, وقتالها جنبا لجنب في خنادقها, وانقيادها خلفها في حروبها الاستباحية ضد العراق أرض الأنبياء والحضارات ودار الأئمة والخلافة ؟, ومن فيكم ينكر مشاركة الجيوش العربية في غارات الناتو الطائشة التي دكت حصون المدن الليبية في طرابلس وبنغازي ؟, ومن فيكم ينكر الوقوف العلني لبعض الزعماء العرب مع إسرائيل في هجماتها العدوانية المتكررة على لبنان ؟, ومن منكم لا يعلم بتبعية الكثير من المنظمات (الجهادية) المتأسلمة لأمريكا وخضوعها لإرادة البنتاغون ؟. .
ومن منكم لم يسمع بتأييد الزعماء العرب للغارات المباغتة التي شنتها إسرائيل على الخرطوم في السودان ؟, وتأييدهم المطلق لغاراتها الجوية الغادرة على المفاعل النووي العراقي في الثمانينات ؟, ومن منكم لم يشكك بأهداف ما يسمى بثورات الربيع العربي ؟, ومن منكم لم يرصد التناقض الفقهي في سلوك الخلايا القتالية التابعة لمنظمة القاعدة ؟, ومن منكم لم يحس ولم يستشعر ميول الكثير من الزعماء العرب نحو تكريس ظاهرة تتريك الأمة أو تفريسها ؟, هذا يتباهى بالنظام الإيراني وهذا يتفاخر بالنظام الاردوغاني, ومن منكم لا يعلم حتى الآن بتقمص الزعماء العرب لدور أجدادهم الغساسنة والمناذرة في تمزيق وحدة الأمة العربية وتشتيتها ؟, هذا يناصر الإمبراطورية الساسانية, وهذا يناصر الإمبراطورية الرومانية, حتى وصل بهم الأمر الآن إلى مناصرتهم الصريحة للإمبراطورية الأمريكية ؟, ومن منكم لم يسمع حتى الآن بتحرك الأساطيل الأمريكية في عرض البحر من أجل توجيه ضربة سريعة قاصمة للمدن السورية بذريعة الوقوف مع الخلايا (الجهادية) المناوئة لبشار الأسد ؟, هل رأيتم كيف تغيرت معاييرنا الجهادية التي صارت فيها أمريكا من أقوى أنصار الدين ؟, عش رجباً ترى عجباً. . .
من المفارقات المضحكة أننا ما زلنا حتى يومنا هذا نصب جام غضبنا على (أبن العلقمي), تارة ننعته بالخيانة, وتارة أخرى ننعته بالغدر, بتهمة قيامه بتسليم مفاتيح بغداد لجيوش الاحتلال عام (656) للميلاد, في الوقت الذي ندفن فيه رؤوسنا بالرمال بعد مرور (1357) عاماً على سقوط بغداد بيد المغول, ونتجاهل كل العلاقمة الذين فتحوا موانئهم ومطاراتهم وقواعدهم الحربية للقوات الغازية القادمة من وراء المحيط لدك حصون بغداد وتدميرها, ونتجاهل الذين فتحوا خزائنهم وأرصدتهم لدعم القوات الغازية التي دمرت ليبيا, ونغض الطرف عن الزعماء العرب الذين سجدوا تحت أقدام المارينز, ونطبل ونزمر للزعماء الذين سيقفون مع الغزاة القادمين لاحتلال الشام وتدمير أعرق المدن السورية, وهكذا تكاثر العلاقمة هذه الأيام بالانشطار, وصارت الخيانة حرفة سياسية يجيدها ويتفنن بها الزعماء المتخاذلين المنبطحين أمام الأمريكان. .
منذ أكثر من ربع قرن والقوات الأمريكية هي التي تصول وتجول كيفما تشاء وحيثما تشاء في عموم البلدان العربية, بدعم وإسناد ومؤازرة الزعماء والفقهاء والأمراء والمشايخ العرب, ومنذ أكثر من ربع قرن والفيالق الأمريكية تنتشر وتتكاثر على الأرض العربية, وتتكاثر معها المليشيات الطائفية المسلحة, لتسير بموازاتها على النهج نفسه نحو تمزيق الأمة العربية وتشتيتها. .
منذ أكثر من ربع قرن والأساطيل البحرية الحربية الأمريكية هي التي تفرض هيمنتها على المضايق العربية في مضيق هرمز, ومضيق باب المندب, ومضيق تيران, والعقبة, والقرن الأفريقي, وجبل طارق, وتفرض سيطرتها المطلقة على المسطحات المائية في الخليج العربي, وخليج عمان, وبحر العرب, والبحر الأحمر, والأبيض المتوسط, ومدخل شط العرب. .
منذ أكثر من ربع قرن وأمريكا هي التي تشن غاراتها الجوية الساحقة الماحقة على المدن العربية, وهي التي تقود حملات الاحتلال والاجتياح والتدمير, وهي التي تشرف على برامج لجان التفتيش الدولي, وتتحكم بقرارات مجلس الأمن, فتطيح بالأنظمة السياسية الموالية لها, وتستبدلها بأنظمة أخرى أكثر ولاءً وسقوطاً وتخاذلاً وفساداً من سابقاتها. .
وهي التي حولت جزيرة قطر إلى مستودع خرافي لطائراتها وصواريخها وراجماتها وثكناتها المسلحة بالشر, وهي التي أطلقت العنان لرغباتها التوسعية من فوق هذه الجزيرة الخطيرة, في ضيافة الأميرة العجوز, ونجلها المراهق الذي انقلب على أبيه, بعد أن خطف له الأب صولجان الحكم من جده, بتأييد كامل من شيخ مشايخ القوارض, وبتغطية إعلامية مضللة تطلقها على مدار الساعة أبواق أخبث الفضائيات العربية على وجه الأرض (الجزيرة), حتى جاء اليوم الذي سمعنا فيه بأحزاب عربية تلوذ بالبنتاغون, وزعماء وقادة وأمراء يؤازرون عمتهم أمريكا, وينحنون إجلالاً واحتراماً لعظمتها, ويتمسحون بأذيالها, وسمعنا بفقهاء من السنة والشيعة يبررون جرائم عمتهم أمريكا, ويجملون صورتها البشعة بفتاوى منافقة ما أنزل الله بها من سلطان. .
ألا تعلمون أن أمريكا هي التي قتلت العلماء العرب ومشت في جنائزهم, وهي التي حملت لنا المصائب والويلات, وجلبت لنا المتاعب والنكبات, وهي التي عززت أركان النظام الصهيوني, ووفرت له مستلزمات القوة والتفوق, وهي التي فرشت الأرض بالورد والياسمين لزعماء الأنظمة العربية الفاسدة المفسدة, وهي التي أجهضت حركاتنا التحررية الواعدة, وسرقت ثرواتنا, وحرمتنا من النهوض والرقي, وصادرت حقوقنا كلها, ثم نصبت نفسها وصية علينا وعلى مستقبلنا, حتى اعتدنا على خطابات الأمريكان وهم يتهكمون على بعض الزعماء العرب, ويسخرون منهم وكأنهم مجرد عبيد أقنان يعملون في حقولهم البترولية. .
وأخيراً وليس آخراً, ألم تسمعوا بعد بتصريح السيناتور الأمريكي (جون إدوارد) حين قال: ((نريد تغيير العالم العربي بما يتفق ومصالح أمريكا المستقبلية)), ألا يعني هذا أن العمة أمريكا صارت هي الوصية علينا, وهي المهيمنة على بلداننا, وهي التي تتلاعب بمصيرنا, وتتحكم بنا في القرن والواحد والعشرين ؟؟
والله يستر من الجايات