هل جيشنا وأجهزتنا الأمنية أجهزة قمعية؟ |
في تطور مثير وغريب للغاية لفت نظر الكثير من الشعب العراقي ومن ضمنهم المتظاهرين الذين خرجوا اليوم في مظاهرات للمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين كانت تحمل سمة إن جميع من خرجوا في هذه المظاهرات كانت لا تحمل إي لون من ألوان العنف غير المبرر في هذه المظاهرات لسلميتها وكذلك محدودية مطالبها والاقتصار على مطلب واحد هو إلغاء تقاعد البرلمانيين وكذلك نوعيتها في أنها ضمت النخب المثقفة وكذلك الشبابية وشعبيتها لأنها حوت مختلف شرائح المجتمع وبقيادة واعية من قبل أناس مثقفين كلهم حملوا حب العراق وشعبه والخوف عليه والمحافظة على المال العام من الهدر والسرقة والكل كان يمضي إلى التظاهر وهو مطمئن هو وحتى أهله لأن الكل كان يعرف أنها مظاهرة سلمية 100% ولا تحمل أي أجندات مشبوهة أو مرامي خبيثة والجميل في أمر هذه المظاهرات أنها جمعت كل العراقيين ووحدتهم على هذا المطلب بغض النظر عن العرقية أو الطائفة وكذلك الدين بل وتوحدت كل الشرائح بمختلف مستوياتها الثقافية في هذا المطلب وكان الكل يمضي وهو يأمل بأن تكون هذه المظاهرة هي تجسيد للحالة الديمقراطية لعراقنا ممثلة بسلطته وأن تكون قواتنا الأمنية والجيش هي المحامي والمدافع لهم والتي تكون العين الساهرة في أمنهم وحمايتهم. ولكن للأسف انقلبت هذه الحقيقة رأساً على عقب حيث تم اتخاذ إجراءات أمنية احترازية مثيرة للغاية في منع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة التظاهر في باب الشرقي حيث تم قطع كل الطرق المؤدية إلى باب الشرقي فمثلاً في الكرخ تم قطع الطريق من جامع أم الطبول وكذلك من خلال ما شاهدناه من قمع للمتظاهرين وبلا رحمة للمتظاهرين ومن خلال الفضائيات وحتى ما لمسناه نحن وخصوصاً ما حدث في بغداد وفي بعض المحافظات وليس كلها وهذا أدى إلى حصول خيبة أمل أخرى يتلقاها شعبنا الصابر في جيشه وقواته الأمنية مضافة إلى الخيبات والصدمات التي يتلقاها شعبنا الواحدة تلو الأخرى بدءً من البرلمانيين إلى حكومته إلى الوضع الأمني وغيرها والذي هو صدمات تدمي قلب الشعب ولكي ينطبق وصفنا عليه بشعبنا العراقي الصابر الجريح. والتي كان يأمل شعبنا أن يكون الجيش وقواتنا الأمنية هي نابعة من الشعب وتعرف كل الآلام والمحن التي يتجرعها هذا الشعب الصبور والطيب وأن أغلب منتسبي هذه القوات خرجوا من وسط هذه الآلام وليس جيش نخبوي قائم على مكون معين أو شريحة معينة كما يحصل في قوى القمع للدكتاتوريين وخير مثال ذلك ماكان يتصف به جيش الصنم هدام وقواه الأمنية. ولأذكر حادثة حدثت في بداية أربعينات القرن الماضي والمنقولة عن والدي رحمه الله والتي تخص جدي الشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي ففي ذلك الوقت خرجت مظاهرات عارمة للعراقيين وكذلك البغداديين لشجب واستنكار ورفض معاهدة الانتداب البريطانية التي وقعتها الحكومة في ذلك الوقت والتي خرجت من جامع الحيدرخانة في شارع الرشيد وعبرت إلى الكرخ عن طريق جسر الشهداء للتوجه إلى السفارة البريطانية التي تقع في ذلك الوقت في الصالحية ويبد أن الأمور قد خرجت عن سيطرة قوى الشرطة في ذلك الوقت ولذلك سارع الوصي عبد الإله باستدعاء الجيش لفض هذه المظاهرات والتي كانت تهتف بهتافات مشهورة نوري السعيد وصالح جبر والكل يعرفها والتي لايسمح المقام بذكرها ووصل الجيش بتجهيزاته إلى رأس الجسر من ناحية الكرخ ووصل المتظاهرين إلى نفس المكان وكان الراحل جدي الكرخي معهم والعديد من الشعراء والمثقفين. وعند ملاحظتهم لقوات الجيش قام الكرخي بالهتاف للجيش وإلقاء الشعر في التغني في بطولات جيشنا العراقي وأنه جيش الشعب وأنه حارس العراق الأمين وكذلك فعل بقية الشعراء فما كان من أمر القوة والذي كان برتبة رائد إلا أن أمر بسحب قطعته العسكرية وقال لمدير الشرطة أن الجيش مخصص لحماية العراق وشعبه وحدوده وليس لقمع الشعب وهنا اسقط الأمر من قوات الشرطة وسارت المظاهرة وقد حذت حذوها قوات الشرطة. والذي من المفروض على الحكومة أن لا تزج الجيش بهذه الأمور فالجيش واجبه مهني فقط وهو حماية الوطن والشعب وليس أداة لقمع المواطنين وجعله أداة بيد الحاكم وكما يحصل في الأنظمة الديكتاتورية. كما ويجب على كل المسئولين في الداخلية والحكومة إدخال القوى الأمنية وبالذات قوى مكافحة الشعب وكذلك الضباط في دورات لكيفية التعامل في مثل هذه الأمور من مظاهرات وممارسة الحد الأقصى من ضبط النفس تجاه ناسهم وأهليهم لأنهم منهم وأليهم وقد ولى زمن الاضطهاد والعنف والقمع وبلا رجعة وأن الجيش وقواتنا الأمنية هي ملك الشعب وترجع إليه وهذا لايعني الدعوة إلى الفوضى وعدم فرض النظام بل هو واجبها الأساسي ولكن يكون بوعي ودراية والتفريق بين ما هو صالح وماهو طالح وهذا الأمر يقع على عاتق الحكومة والمسئولين في التعامل مع تلك الأمور وفرض توجيهاتها وليس كما حصل الآن في مظاهرات الأمس. وكلمة أخيرة لحكومتنا لقد سقطت كل الأقنعة عنك بحيث عرف الشعب كل الحقيقة وأدار ظهرك عنها ولا تنفع كل المحاولات في تجميل صورتك ومن أعلى هرم في الحكومة لأنك قد فشلت في هذا الاختبار فشلاً ذريعاً كما في الاختبارات الأخرى وقدمت صورة مشوهة وقبيحة عن معنى السلطة وشوهت كل معنى ديمقراطي جميل لتمثل حكومة فاشلة ولاتحمل أي مقومات للديمقراطية ولا تحمل صفات الشرعية وعمليات القمع للمتظاهرين الذين وصلوا في ساعات الصباح الباكر من قبل قوات مكافحة الشغب وبدون إي رحمة وبتوجيهات من أعلى سلطة في هرم الحكومة وكذلك الداخلية هي أكبر دليل على ما نقول. ولكن نقول لكم أن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح وتم إيصال صوتنا عالياً وقد نجح شعبنا وبجدارة في أثبات حقه وأنه مصدر السلطات وبيده زمام المبادرة والحل وأنه لا يقبل بأي حالة منحرفة واعوجاج في العراق وأنه متوحد رغم كل الأعاصير ورياح الغدر التي تهب عليه وبكل أطيافه وشرائحه. وفي الأخير نقول لكم أن غداً لناظره قريب وسنبقى ثابتين على مطالبنا والتي من المحتمل أن يرتفع سقفها كلما ازددتم قمعاً وتنكيلاً بنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |