اعادت السيدة بهية الحريري عضوة البرلمان اللبناني كامل رواتبها منذ سنة 2009 ولحد هذه السنة 2013 والبالغة 350 الف دولار الى خزينة الدولة لانها شعرت انها لم تقدم ما يعادل استحقاقها. ان هذه السيدة الجليلة تستحق كل تقدير واحترام، ليس لانها ارجعت الاموال الى خزينة الدولة اللبنانية كي تتحول الى منافع عامة تستفيد منها جميع الناس، بل لانها شعرت ان القيمة التي قدمتها خلال الاربع سنوات لا تعادل القيمة التي تستلمها. انه شعور ذاتي بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية من موقع الاختيار. هذه السيدة اعادت المبالغ دون امتداحا لنفسها، بل انتقادا لها، ليس لنيل التقدير بل للاشارة الى التقصير، تقصيرها هي وكرم الشعب الذي اعطاها هذا الراتب. هي ليست مثل الحاج نوري المالكي الذي اعلن انه تنازل عن نصف راتبه منة، ولم يشرع ويصدر قانونا يثبت فيه الفعل على ذلك، وتبين بعد ذلك ان ما يتقاضاه اهو ضعف ما اعلنه. ان القيمة الحقيقة في مبادرة السيدة الحريري هي في قيمة الفعل وليس في قيمة المبالغ، وهذا ما لا يدركه اي صماخ في حكومة الحجاج العراقية، اذ قد تنسى الناس قيمة الاموال ومبالغها، لكنها لن تنسى قيمة الفعل. التاريخ لم يخلد الشخوص لغناهم او لثرائهم ، بل خلدهم لشجاعتهم ولثوريتهم ،لنضالهم وكفاحهم، لعدالتهم وسماحتهم، لكرمهم وايثارهم، لاستبسالهم وحبهم لوطنهم. فتحية لهذه السيدة اللبنانية النبيلة التي ارست مثالا العراقيون هم احوج الناس اليه في هذه الايام العصيبة التي اجتمع فيها البغضائان، الظلم والطاعون، الارهاب وحكومة الحجاج والمؤمنين. لقد قدمت السيدة الحريري مثالا جاء في وقته المناسب، وكانها تود ان تُسمع هؤلاء المسئولين العراقيين الذين تصنعوا الصمم فلا يسمعوا الهتافات والشعارات وصرخات الناس وشكواهم، هؤلاء الذين كأن في آذانهم وقرا، المترفون والمترفات، الناعمون والناعمات، المتنعمون والمتنعمات من مسئولي الحكومة واعضاء مجلس النواب العراقي، الذين يتقاضون في سنة واحدة اكثر مما تتقاضاه هذه السيدة في اربع سنوات، مع انهم لا يواظبون على الدوام في هذا المجلس النكرة الا سويعات في الشهر الواحد وسوبيعات في السنة الواحدة، هؤلاء الذين ما ان يرى الشعب ظهورهم، حتى تاخذه رغبة جامحة بصفق قفا اعناقهم. لقد تنازلت السيدة الحريري دون ان يضطر الشعب اللبناني الى التظاهر والاحتجاج، بينما الشعب العراقي الذي تبلغ ميزانيته وطنه اضعاف اضعاف ميزانية لبنان، العراقي الذي يعيش تعاسة وبؤسا لم يعشهما الفقير اللبناني بحياته يوما، يتظاهر من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية، واذا برجال العهد الديمقراطي يشبعونه ضربا وكفخا وركلا، ويسمعونه قذفا وشتما، وياخذونه الى معتقلات حكومة المؤمنين والحجاج المتقين وهو معصوب العينين موثوق اليدين. واذا كان لنا ان نقارن بشكل عام بين السيدة بهية الحريري وبين كامل طاقم العملية السياسية منذ بدايتها الى يومنا الحاضر، لما وجدت واحد من هذا الطاقم الفاسد قد نطق بالحق وقال الصدق واقدم على مبادرة قد نفذها ولا تنتهي بانتهاء برهجة الدعاية والاعلام وابتعاد الات التصوير. فكل اعمالهم فقاعات وكل كلامهم فقعات وما ايمانهم الا فقاعة. ولو اردنا المقارنة على وجه الخصوص واخذنا اي مؤمن، حاج، شيخ عشيرة او شيخ دين او سيد معمم، لابتزت السيدة بهية الحريري كل منهم واحد بعد الاخر ولتفوقت على كامل مجموع الـ 325 برلماني وبرلمانية وعلى كامل طاقم الحكومي، فهي تتنازل عن كافة رواتبها لانها شعرت انها لا تستحقها، اما هؤلاء النواب فيلطمون على روؤسهم ويضربون على صدروهم لو قل الراتب 100 الف دينار، هي تعترف بتقصيرها وهم، رغم ان تقصيرهم يكلف الاف الضحايا، لا يزالون جالسين على كراسيهم لا تشغلهم الا ملذاتهم وثرواتهم والتفكير بالفياجرا لكي يعيد الحياة للاموات. هؤلاء لا يشكرون حتى ربهم الذي ابتلى العراقيين بهم فاجلسهم على مقاعد البرلمان وعلى كراسي الحكم بينما كان الاولى به ان يجلسهم على مصاطب المقاهي ليشبعوا لغوا وحكاوي، فلا يحولوا البرلمان والوزارات الى مآتم او تكاوي.
|