سلاما ياعراق ; على مين يا سيد العارفين



في الدول التي تحترم عقول شعبها، مثلما تحترم إنسانها، يخضع اختيار الناطق الرسمي لمعايير دقيقة وصارمة أيضا. أهم ما يشترط فيه أن يكون أمينا ناقلا للحقيقة بوضوح وشفافية وليس ناعقا مدافعا عن الذي عينه سواء كان حاكما او مؤسسة. وعلاوة على تأهيل الناطق وإعداده إعدادا وليس بالتعيين، يجب ان يمتلك مواصفات شخصية ،من بينها الصدق وان يمتلك لغة وأسلوبا مقبولين عند الناس. أما عند الحكومات، التي قد تضع كل شيء بحسبانها عدا احترامها لعقول الناس، فمهمة الناطق الأولى والأخيرة هي أن يُمجّد ويُثني على رئيسه أو على المسؤول الذي عينه. لذا صار الناطق الجيد، عندها، من يمتلك لسانا "مُلمِّعا" أفضل من مُلمِّع "بوية أبو الحيّة " الشهير.
أول ناطق رسمي عرفه العراقيون، وذاع صيته في العالم كان محمد سعيد الصحاف صاحب (أبو العلوج). يستحق الرجل لقب مدرسة "ناطقية" قبل أن يخلفه بالمهمة الناطق الغائب علي الدباغ. لا أظن ان سر اختيار صدام للصحاف ناطقا يحتاج كثيرا من البحث لكشفه. يكفي ان هناك شركات كثيرة أنتجت لعبا مضحكة للأطفال جسدت صورته وهو يهذي مرتديا بدلةعسكرية. لكن سر اختيار المالكي للدباغ بقرار ثم تنحيته بدون قرار معلن ظل، بالنسبة لي على الأقل لغزا محيرا الى ان التقيت وزيرا من عشاق المالكي ذات يوم. سألته عن السر فأجابني بأن "الرجل يستطيع بلباقة أن يقلب الباطل حقا والحق باطلا"! سألته: وما الذي صار يقلبه اليوم حتى ابعده سيده؟ وعندما لم يجبني قلت له: أكيد صار "يكلب الطابكطبك".
الحديث عن "الناطقية" والناطقين جرني إليه الناطق باسم وزارة الداخلية سعد معن إبراهيم، في واحد من تصريحاته لوكالة "اسوشيتد برس" اثناء تواجده في ساحة التحرير مع القوات الامنية التي هدّت لقمع المتظاهرين يوم السبت الفائت. لمّع الناطق سبب هجوم القوات بالسلاح والعتاد والعصي بقوله ،إذا جاء احد وفجر المتظاهرين بقنبلة سيقولون لماذا لم تحمونا؟" معنى قوله بالشعبي: "وين ننطي وجوهنا؟" اوييييليييي على هالمستحه الجديد!
الأخ النطّاق، ابد ما سامع ان الشعب كل صباح ومساء يصرخ ويلطم على رأسه: ولكم ليش ما تحمونا؟
بويه سعد يا "بويه": على مين؟ .. على مين؟ .. على مين؟