الهجوم الامريكي الذي كان متوقعا في غضون أيام، على سورية، تأجل أسبوعين على الأقل، او ربما شهر الى ابعد تقدير بعد إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، نيته الذهاب للكونغرس بمشروع قانون يجيز معاقبة النظام السوري على استخدامه السلاح الكيماوي.خطوة أوباما كانت مفاجئة لأقرب المسؤولين من حوله، وأوثق الحلفاء الدوليين والإقليميين؛فبعضهم استاء من القرار كإسرائيل، وآخرون اصيبوا بالإحباط واعتبروه دليلا إضافيا على ضعف الرئيس الأميركي وتردده.بعد أن اختار حليفه البريطاني ديفيد كاميرون التوجه إلى مجلس العموم للحصول على دعمه للمشاركة في العمل العسكري، ثم فشل مسعاه هذا، كان لا بد لأوباما أن يفعل الشيء ذاته، ويحصل على دعم ممثلي الشعب الأميركي، كي لا يبدو زعيم أكبر ديمقراطية في العالم، على ما يقول أوباما نفسه، يتصرف كدكتاتور يتفرد بصناعة القرار. ومن ناحية أخرى، فإن أوباما الذي خسر دعم أهم حليف دولي؛ بريطانيا، أصبح في أمسّ الحاجة إلى تفويض الكونغرس ليمنح التحرك العسكري، على محدوديته، الشرعية اللازمة، خاصة وأن العمل العسكري المفترض لا يحظى بدعم من مجلس الأمن الدولي.أوباما اتخذ القرار بانتظار الضوء الأخضر من الكونغرس، وهو مؤكد على ما يبدو من تصريحات زعيمي الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ. لكن التأجيل لأسبوعين هو فرصة ممتازة، يمكن للجهود الدبلوماسية خلالها أن تغير مسار الأحداث، الرئيس الأميركي الذي سيتوجه إلى مدينة سانت بطرسبيرغ الروسية، للمشاركة في قمة 'مجموعة العشرين'. القمة مناسبة لمحادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول الملف الأسخن. ولعل اللقاء يفتح آفاقا لتحول جوهري في الجهود السياسية المبذولة لعقد مؤتمر 'جنيف2' في أقرب وقت ممكن.اذ إنه من وسط الأزمات تولد فرص عظيمة للسلام. الأمر ما يزال ممكنا في سوريا . ويمكن للجانب الروسي أن يقود مبادرة لتفادي تلك الضربه.
سلسله من الخطوات الجريئة تكفي لإبطال مفعول أي عمل عسكري، وتنسف مبرراته، خاصة إن ارتبطت بتحرك سياسي لتسوية تاريخية في سورية؛ توقف سفك الدماء، وتعزل المجموعات المتطرفة، في إطار عملية مصالحة شاملة مع المعارضة السورية وجميع مكونات الشعب السوري، ترعاها الأمم المتحدة والقوى الدولية الفاعلة.يتعين على النظام السوري أن لا يذهب بعيدا في استنتاجاته، لأن تفويض الكونغرس سيجعل أوباما في وضع أقوى، يؤهله لتنفيذ عملية أوسع من تلك التي كان يخطط لها.التأجيل فرصة إذا ما أحسن استخدامها، يمكن أن تخط مسارا جديدا للأحداث في سورية وفي الشرق الأوسط ، وخصوصا العراق والذي سيكون هدفاً مباشراً من الجماعات المسلحة بعد الضربه الأمريكية ، إذ يبدو من خلال الاستقراء أنها ساعه الصفر للهجمات الإرهابية في بغداد وعموم المحافظات ، حيث سعى ابو بكر البغدادي الذي يعتبر قائد الخلية العراقية بحرص لربط العنف في العراق الى تمرد السنة في سوريا . والحملة التي تسمى " كسر الجدران " ، والتي تهدف من خلالها الى اسقاط الحكومات القائمة في بغداد ودمشق وتبديلهما بنظامين اكثر تماشيا مع اجندة المجموعة الاسلامية المتشددة أتت أكلها بعد هروب العشرات من الإرهابيين ومن الجيل الأول ، واستعدادهم للهجوم مع بدء العد العكسي للهجوم المحتمل على سوريا، والى ذلك الحين فان الاستهداف قائم لا محاله ، وان الهدف القادم سيكون بغداد .