تشابك الاحزاب السياسية والدينية ... عبء ثقيل على العراق..!! |
انه من المفيد حقا ان لا يمارس الانسان السياسة ولا يدخل في دروبها المظلمة . لأنه لابد ان يكون على طرفي النقيض ، بمعنى انه اذا كان رجل دين صالح ، ويخاف الله في كل صغيرة وكبيرة لابد ان لا يدخلها لكي يبقى محافظا على نقائه قي عيون من يرونه على حقيقته ، أما اذا كان على غير شاكلة اخرى فانه من الطبيعي ان يكون مراوغا جيدا بل وراقصا يجيد فن الرقص على كل الالحان غربية كانت ام شرقية ، تركية كانت ام فارسية ، المهم يجيد الرقص على اصابع قدمبه ، ولا عيب حتى اذا كشف عورته ....
في عراقنا الجديد هكذا وجدنا السياسة وممارسيها ، يمينيون وثم يساريون ، وسطيون ، متطرفون اذا دعت الحاجة لذلك ، صداميون حتى العظم ، شيوعيون تارة ودينيون اسلاميون تارة اخرى ، بل ولا يخجلون اذا فرض عليهم ان يلبسوا العمامة والجبة لتكتمل الصورة في عيون من اختاروهم لهذا المنصب الحزبي او الحكومي ، اعضاء فرق وشعب وفروع في حزب البعث المنحل تحولوا هذه الايام الى ناطقين باسم الكتل الكبيرة ولا يستحون ، وتنكروا لمبادئهم التي دفعوا لاجلها الالاف من شباب العراق صوب اعواد المشانق ، وأعدموا غدرا وظلما ، وتاهت عوائلهم سنينا في مسالك الانحراف لسبب بسيط جدا ، انهم رفضوا المشاركة في حرب اشعلها (صدام) ضد ايران في ثمانينيات القرن الماضي ، ناهيك عن الاسماء الكبيرة التي لمعت في عالم الاجرام الصدامي ، عادت اليوم لتشغل المناصب وتهيمن على القرار السياسي ، وتعمل باتجاه المزيد من العنف بحق الشعب العراقي ، مما يدلل ان فرصة (عفا الله عما سلف) التي وفرتها الحكومة لهذه الاسماء ، قد سببت في ارباك الوضع الامني ، وسهلت من مهمة اختراق الحواجز الامنية لتنفيذ الجرائم الارهابية في بغداد بشكل خاص والمحافظات العراقية الاخرى عموما ، وهذا يعني انه من الخطأ الاعتقاد بان احتضان العناصر الامنية والمخابراتية للنظام السابق ، ستضيف صلابة مهنية لعمل هذه المؤسسات بل العكس هو الصحيح في ظل مؤشرات ميدانية واضحة التي تؤكد بأن الخروقات الأمنية هي تحصيل حاصل لنوايا سيئة و مبيتة لإشاعة الفوضى والبلبلة تمهيدا لعملية الانقضاض على السلطة ، في ظل تنامي قوة الارهاب بجميع اشكالها .......
واليوم حين نقلب تلك الاوراق ، ونقارنها مع ما حدث في العراق ابان فترة النظام ، نجد ان الفرق هو في التسميات اما الشخوص السياسية لا تزال تراوح في نفس المربع المخيف الذي اخاف العراقيين منذ عقود عديدة ، بحيث اصبح القتل والموت مسالة طبيعية ، فالخارج من بيته متوجها الى عمله كل صباح فهو يودعهم بقلبه تمام الوداع لأنه متيقن ان لم يصله الموت فيصله بعد غد ، وهكذا نجد العراقيين يعيشون حالة الموت باستمرار منذ عشر سنوات بل وتكيفوا مع واقعه المؤلم الحزين دون ان يتحرك ضمير واحد لينقذه من ما هو عليه من يأسه القاتل ، الذي تحول الى كابوس فضل البقاء ، وان يكون جاثما على صدورهم ان شاءوا أو أبوا ...
اذن ... ما هو الحل في خضم هذه الفوضى العارمة التي يجد فيها الاغلبية السياسية متعتها ..؟
نقول وبأسف شديد ان التعددية السياسية التي تشابكت اوراقها مع تعددية الاحزاب الدينية والمذهبية التي ترتبط اطرافها بأطراف اقليمية ودولية هي التي سببت وتسبب في توتر الاوضاع الداخلية في العراق باتجاه المزيد من التباعد السياسي والاجتماعي ، وخلق أجواء مشحونة بخطر انزلاق البلاد نحو شفير الهاوية ، وكان ذلك سببا مباشرا في عجز حكومة نوري المالكي من احتواء الخلافات الفكرية المتعددة التي تدور كل واحدة منها في بحر مضطرب ومتلاطم الامواج وسط تنامي الاستياء والغضب الشعبي من الحكومة التي يتزعمها نوري المالكي ، وخروج الجماهير في مظاهرات غاضبة على طبيعة الاداء الفاشل للحكومة ، وعدم تمكنه من بسط السيطرة على الاوضاع باتجاه ما يضمن سلامة مواطنيه ، ومن ثم عدم قدرته على محاسبة المقصرين من قيادات الاجهزة الامنية التي تتلكأ في اداء مهامها بشكل يتناسب مع حجم التحديات التي يواجهها العراق....
ومن هنا نعتقد ان الفوضى التي يشهدها العراق وسبل مواجهتها تنطلب اولا وأخيرا طرح مسالة قانون الاحزاب بالسرعة الممكنة على البرلمان ومناقشة شروط وضوابط عملها وفق القانون ، والغاء الكيانات السياسية الصغيرة التي تحمل على ابواب مقراتها يافطات كبيرة ، ولا تقدم ما يعزز من المسار السياسي في العراق ، بل تشكل عبئا ثقيلا على الشارع العراقي و ما تسببها من هدر واضح للطاقات والاموال ، ناهيك عن ارتباطاتها الاقليمية التي تنعكس سلبا على الاوضاع الداخلية وتهدد الاستقرار والامان في العراق ، وهذا يعني ان هذا الكم الهائل من الاحزاب التي حشرت نفسها في العمل السياسي هي بحاجة الى مراجعة شاملة لمعنى وجودها وضرورة وضع دراسة شاملة تحد من تشكيلها دون سند قانوني ودستوري..
Mam.araz@yahoo.com
|