الروتين قاتل يخنق الدولة

 

مرحلة تستوجب الإعلان عن هذه الثورة الإدارية الكاملة والشاملة التي تنفض الغبار من مؤسسات الدولة, تعيد تنشيط دورتها الدموية وتضخ الدماء الشابة لهذه المؤسسات وتجدد الاجراءات وتختصرها الى ابعد الحدود, وتواكب العصر وتخرج من عصور الجهل والتخلف والروتين الذي عاشته مؤسساتنا على مدار العقود الماضية, العراق لا يزال يعيش حالة من الإتكالية  في العمل و والإعتمادعلى الريعية النفطية, سياسة في معظمها تعتمد على النفط وتهمل القطاعات الأخرى , الإتكالية المتراكمة في المؤوسسة الحكومية والتقاليد المجتمعية,  عينها على الوفرة المالية المتزايدة من الأستكشافات والتصدير, وهذا ما يجعل الموازنات بتزايد وحاجة ملحة للتشغيل الحكومي وضمور القطاع الخاص, ترهل الى  معدل عمل لا يتجاوز 17 دقيقة يومياُ, معظمها حلقات روتينية  بذرائع التدقيق والتخويل والصلاحيات والانظمة المتأخرة, الروتين والبيروقراطية مصدات  للإبداع  وارضية مناسبة للثغرات  وهدر الوقت والمال العام وباب للفساد والتحايل على القانون, روتين المعاملات الرسمية والإدارية في الدولة عائقا للنمو والتطور في ضياع وقت المواطن والمؤوسسة وإستهلاك الاموال من الطرفين. الدولة العراقية تعاني من هذا الروتين منذ تأسيسها الى يومنا الحاضر في تراكم دائم, طوقت عمل  المؤوسسات ومفاصل الدولة ومصلحة المواطن, وسلسلة طويلة من التواقيع و جيشا من الموظفين المسلحين بالأختام يتبارى كلهم ليضع بصمة وختما على معاملة هذا المواطن حينما يراجع دائرة حكومية , اضيف لها دوائر التفتيش والمستمسكات ولجان التفتيش , في واقعها لم تضيف جديد على تقدم الانتاج والتطور, وهذا الحلقات تضطر المواطن وحتى المؤوسسات الى إتباع السلسلة المتعرجة والنفعين والمعقبين, وكثرة عدد الوزارات وخضوعها للحزبية والميول جعل من المشاريع تتبع مزاجية الموظف.
المحافظات في مؤوسساتها ومواطنيها  تعاني من هيمنة المركز ومصادر القرار ونظرة الاستعلاء تجاهها, وكل ما يتعلق بفتح الإعتمادات والتعاقدات تخضع للمخاطبات الطويلة بين الوزارات وتقاطع الصلاحيات, يتطلب عدة شهور من المتابعة يتجاوز الفترات الزمنية للخطط  مع تأخر وصول الموازنات,  والوقت المتبقي لا يكفي للعمل في البرامج السنوية , لذلك تقوم بإعادة الاموال او إحالتها الى مشاريع أكثر ربحية وسرعة في الأنجاز ولا تحتاج الاّ صلاحيات مجالس المحافظات, ومنها التبليط والتشجير والأرصفة, وهذا ما يوجه اصابع الإتهام للمحافظين ومجالس المحافظات. الروتين وتقاطع الصلاحيات أضيف لها المحسوبيات وطبيعة العلاقة الحزبية بين المحافظ والوزير او الوزير وتلك المحافظة  بل في إحيان اخرى أحد الموظفين يلقي المعاملات في الادراج لشهور وسنوات ولا سلطة للمحافظة عليه , طبيعة تشكيل المحافظات والتنافس المحموم للإنتخابات البرلمانية والتحديات التي تواجههم لكون معظمهم في اغلبية قلقة, يلزمهم بتطبيق برامجهم ومجابهة التحديات, وتحتاج  الى ثورة إدارية في محافظاتهم حتى يتمكنوا من النهوض بهذه المحافظات وتسجيل اعلى نسب الانجاز و النجاح , تبدأ بالتنظيم الاداري قبل أي اجراء اخر, للتعامل مع حكومة المركز  التي يفترض منها مراجعة اجراءاتها الادارية واعادة هيكلة مؤسساتها الوظيفية. الروتين قاتل يخنق الدولة ويعرقل نموها وتقدمها ونحن لا زلنا لم نترقي الى الحكومات الألكترونية او اعتماد الأتصال الألكترونية داخل المؤوسسات, وحفظ المعاملات في الاضابير والأرشيف البالي يؤدي الى  فقدانها وإهمالها او فقدان أجزاء منها, وكل دول العالم استطاعت ان تكتشف كوابح العمل والحلقات الزائدة والمعرقلة التي  لا تقدم في الأنتاج وأستثمار الوقت واليد العاملة والكفاءة, والإختراعات  ومراكز البحوث والإستبيانات التي تصب في اختصار العمل, النهضة الإدارية  سبيل وحيد للإنطلاق الحقيقي والفعلي في بناء العراق الجديد, وبدونها سنبقى نعيش الروتين ونعيش الاحلام والتمنيات والميزانيات الإنفجارية دون ان تتحقق الخدمة المناسبة وحل المشاكل بطريقة متطورة وحضارية, و معظم هذا التفاصيل ذات صلة بالمواطنين وتماس مباشر بحياته اليومية,  تدخلت وفرضت سياقاتها الادارية وبيروقراطيتها على كل حركة للمواطنين والدولة.