القائد المفقود والشعب المقدود!!



الشعوب لا تحقق أهدافها وطموحاتها من غير قيادة مستوعبة لحاجات العصر , ومدركة لمتطلبات المستقبل.
قيادة واعية متفاعلة راشدة ذات قدرات عقلية راجحة , وطاقات صيرورة ناجحة , تساهم في وصولها للقرار الصحيح.
ومن يرى أن الشعوب يمكنها أن تحقق شيئا لوحدها فأنه على وهم كبير , ومعطيات أحوال المنطقة توفر له الأدلة الدامغة على خطئه الجسيم.
فالشعوب لا يمكنها أن تنتظم في مسيرة التقدم والإرتقاء , من غير قيادة ترسم لها خارطة الحياة الحاضرة والقادمة.
وأية ثورة شعبية لا تصنع قيادتها المتفقة مع طموحاتها وتطلعاتها , ستتشظى بتفاعلاتها المدمرة للذات والموضوع.
والثورات العربية وجدت نفسها في مأزق , لأنها فشلت في صناعة قيادتها المعبرة عنها, فتحولت إلى حالة مضطربة ذات أهداف مجهولة أو سرابية , مما أدى لإمتلاكها من قوى وأحزاب ربما لم تشارك فيها , لا لشيئ إلا لأن تلك القوى والأحزاب تمتلك تنظيما وقيادة , ولكن أية قيادة؟!
قيادة لا تجربة عندها في السياسة , والتفاعل الوطني والمصلحة العامة , ومنغلقة في صناديق أوهامها العقائدية والحزبية , ولا تعرف المرونة والتفاعل الديمقراطي الحقيقي , وإنما حسبت الديمقراطية وصولها للحكم وحسب , وأنها صاحبة الحق المطلق.
وهذا ينطبق على المتغيرات التي حصلت في المجتمع العربي , وبلا إستثناء , ولا تزال الدول بلا بوصلة قيادة , وتتحرك الناس فيها وكأنها في قارب الثورات , الذي تتلاطمه أمواج العاديات وتأخذه إلى إتجاهات مجهولة.
ولهذا فأن الثورات ربما ستتحول إلى حالة مغايرة , ولكن بدراية وإدراك على أن الإنتقال إلى الحياة الديمقراطية , يكون بالقوانين والدساتير وموادها , وليس بالتفاعلات الملتهبة والصراعات المرعبة.
فبعد هذه المسيرة القاسية , لا بد للعرب أن يدركوا بأنهم قد سلكوا الطريق الخاطئ للوصول إلى رياض الديمقراطية ومروجها , لإختيارهم السبل المؤدية إلى الجحيم.
وما بقي عندهم إلآ أن يعودوا إلى رشدهم , ويتعلموا الطرق الصحيحة , الخالية من التداعيات المشينة.
وأظنهم قد تعلموا جيدا جدا!!
بأن الديمقراطية بحاجة لقائد وقيادة , وأن الأحزاب الدينية لا يمكنها أن تصنع الديمقراطية , أو تساهم في التعبير عن قيمها وأخلاقها , لأنها لا ترى إلا نفسها!!