كويتي يرفض مشاريع خور عبد الله

 

 

لسنا نحن وحدنا الذين اعترضنا على مشاريع الكويت الحدودية الاستفزازية في المسطح المائي الضيق, الفاصل بين العراق والكويت, بل هناك الكثير من الأصوات, التي انطلقت من الكويت نفسها وشككت بكل ما يستفز العراق ويضيق الخناق عليه, نذكر منهم الكاتب الكويتي (غسان سليمان العتيبي) الذي وضع يده على موضع الألم من الجرح الراعف على ضفاف خور عبد الله, فصاغ عبارته الوقائية بالأسلوب الذي يجنب العراق الأضرار البيئية والملاحية والحدودية, التي ستظهر إلى السطح بعد اكتمال مراحل مشروع ميناء مبارك, وبعد تفعيل النوايا الملاحية المريبة, ففي مقالته التي نشرتها جريدة (القبس) الكويتية في الثاني والعشرين من آب, والتي حملت عنوان: (أزمة ميناء مبارك الكبير), قال غسان:

http://www.alqabas.com.kw/node/7180

((الكويت دولة مستقلة, ذات سيادة, ولها الحق الكامل في بناء موانئ داخل حدودها الإقليمية, ولكن بشرط, ونضع تحت لكن خطوط, عدم الأضرار بمصالح الجار, وعدم تعطيل الملاحة لديه, فأنت حر ما لم تضر, وحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين, ولا ضرر ولا ضرار)). .

 

كلام سليم, لا غبار عليه, لأنه يستند إلى ابسط مبادئ العدل والإنصاف, ويعكس أهم القواعد, التي يفترض أن تكون هي المفاهيم السائدة بين البلدان المتشاطئة. أنت حر ما لم تضر, والكويت حرة في تنفيذ مشاريعها المينائية, ما لم تسبب الأضرار للعراق, الذي لا يمتلك من بحار الله الواسعة سوى ممر مائي ضيق منكمش, تتردد عليه السفن عبر قناة متعرجة لا يزيد عرضها على (200) متر, تخترق منطقة ساحلية ضحلة, والى الشمال منها تنزوي موانئ العراق في الركن الشمالي الغربي لحوض الخليج العربي, وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الممر المائي الضيق هو الشريان الملاحي الوحيد, الذي ترتبط من خلاله موانئنا بالمياه العميقة, وهو المنفذ البحري المتبقي للعراق في تعامله اليومي مع مسارات السفن التجارية العابرة للمحيطات, وأن أي محاولة لقطع هذا الشريان الحيوي, أو محاصرته, أو إعاقته, أو مضايقته, ستؤدي حتما إلى عزل الموانئ العراقية عن عالم البحار والمحيطات, وبالتالي تجميدها وتحييدها, وإصابتها بالشلل التام, ما يعني تحول العراق إلى دولة شبه مغلقة بحريا, تستورد بضاعتها عن طريق الموانئ الكويتية والإيرانية والسورية والأردنية والتركية.

نفرح كثيرا عندما نسمع هذه الأصوات الكويتية المنصفة, ويتعكر مزاجنا كثيرا عندما نستمع إلى تلك الأصوات العراقية المتزلفة, التي مافتئت تذود بدفاعها عن ميناء مبارك, بيد أن اشد ما يزعجنا هو هذا الصمت المطبق الذي لاذ به أصحاب الخبرات الجغرافية والقانونية والجيولوجية, الذين نأوا بخبراتهم بعيدا عن خور عبد الله, فخفتت أصواتهم في التحدث عن الأضرار التي ستصيب موانئنا, وتعالت نبرتها في الأحاديث المملة عن البحيرات الكندية المرة, وعن تضاريس نهر الأمازون, وأسهبوا في شرح آثار الموجات المدية التي ضربت السواحل اليابانية, لكنهم لم ينطقوا بحرف واحد عن مسطحاتنا البحرية التي تتعرض يوميا للانكماش والتقهقر والتقلص والاختزال.

نحن الآن في أمس الحاجة إلى توحيد كلمتنا في مواجهة الانتهاكات البحرية والملاحية التي تقوم بها دول الجوار, وفي أمس الحاجة لتسخير طاقاتنا كلها في الحفاظ على ممراتنا الملاحية في شط العرب وخور عبد الله, ويتعين على المنظمات والمؤسسات العراقية الوطنية المهنية والتنفيذية أن تنهض بهذه المهمة على الوجه الأكمل, وان لا تفرط بمياهنا وقنواتنا وأنهارنا ومواردنا المائية والبحرية والملاحية, والله الموفق. . .