مدارسنا سجون وعطلتها عيد


.
 أثارت دهشتي تلك الطفلة العراقية التي  ولدت في السويد, وهي تقلب جهاز في  (الأيباد) صورها في الروضة وتبكي لإنها في العطلية الصيفية, وأدهشني المناظر في تعامل المعلمين واحتضانهم التلاميذ  وصورهم في المطعم,  وقاعات الجلوس والحمامات وصالات النوم والملاعب والصالات الجميلة والمختبرات والساحات الخضراء المزينة بالورود, وكيفية ترتيب الوسائل الصحية من فرش الأسنان والمناشف, وقارنت بذلك الطفل العراقي الذي يعتبر المدرسة سجناً وعيده يوم العطلة, بل يتغيب في ايام ويقنع أهله ان هذا اليوم عطلة او مناسبة اوسفرة او حضر للتجوال ولايرغب الذهاب بها, وعلى أعتاب كل عام جديد  يراودنا الطموح ان نرى اطفالنا يعودون الى مدارسهم, نشعر إننا مثل باقي المجتمعات التي كان لتطورها التكنلوجي والسياسي والأقتصادي والاجتماعي  من تطور التربية والتعليم, والعلوم لا تعطي ثمارها دون تربية صحيحة وثقافتنا الأسلامية تجمع بين التربية والتعليم   "ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " ومن خلالها نستطيع ان نؤمن مستقبل للأجيال القادمة, وهذا يقوم على جملة من العوامل والمقومات.
  في العراق لاتزال المناهج التربوية متلكئة متراجعة, والنظام التعليمي لم يرقى الى النظم المتطورة في التعليم والتربية, وادواته غير كفوءة, من نقص المدارس وعدم مواكبة العصر وحتى المبنية منها لا تتلائم مع المدارس العصرية والصحية والراحة النفسية, ولا تزال تلك التصاميم الكلاسيكية منذ عشرات السنين, ولم تتطور الى مدارس جاذبة للتلاميذ ويشعر بالراحة ويعتبرها بيته الثاني , بل ان في بعض مدارس العالم ولكون الأباء يعملون لساعات طويلة وفرت تلك المدارس وجبات الغذاء الصحية وحمامات السباحة وصالات المنام والألعاب,  ونحن نواجه نقصاً كبيرا في طبيعة التجهيزات المطلوبة في المدارس,  فيما نجد في الدول المتطورة هناك اهتمام كبير بالمختبرات المتطورة والكراسي المريحة والصفوف المكيفة  والمرافق الصحية النظيفة والماء المعقم والى غير ذلك من امور, ونشهد حالة مختلفة تماماً عن هذه الصورة,  بل هنالك مدراس فيها اكثر من 500 طفل في مرافق صحية واحدة او اثنان غير مطابقة للشروط الصحية يتدافعون عليها في وقت الاستراحة, واذا توقعنا لمدارسنا العراقية مثل هذه الأمور يقال انه( تبطّر ) وطلبات تعجيزية, حينما نبحث عن صفوف مبردة في الصيف وفي الشتاء  تحميهم من البرد , بينما في الواقع الشبابيك مكسورة والمرواح بالية وتقشعر جلودهم من البرد.
 توفر وسائل الراحة ابسط المقومات الصحيحة لنجاح المهمة التعليمية, ولازلنا بعيدون عن الواقع وبحاجة الى نهضة تعليمية وتربوية كبيرة حتى نعالج كل هذه المجالات , ولاسيما واننا اليوم على مشرف وعلى مقربة من دخول 8 ملايين طالب وطالبة الى صفوفهم والعودة الى مدارسهم, وهؤلاء يحتاجون الى الرعاية الخاصة, وبدون تعليم وتربية متطور لانستطيع ان نتقدم خطوة اساسية واحدة الى الإمام , ولانستطيع ان نبني جيلا مستقبليا واعيا ومتمكنا من اداء واجباته في المجتمع ولانستطيع ان نحقق اللحمة والتماسك في مجتمعنا فالبداية تبدأ من المدرسة حتى تنتهي بالبناءات الاجتماعية الفوقية, وأيجاد الفرص المتساوية في التعليم  اول المساواة, إذ ليس من المعقول والعدل ان نبني مدرسة متطورة هنا ومدرسة  من الطين او الكرفان هنالك, وفي نفس الوقت نختار المعلمين بتفاوت بين المدارس, او نحجز مدارس المتميزين لأبناء المسؤولين ونوفر وسائل التعليم لهم على حساب الاذكياء والمتفوقين.
أطفالنا اقبل عليهم الموسم الدراسي وإستعد التجار الجشعين لرفع اسعار الملابس المدرسية والقرطاسية, وأستعد بعض المعلمون للدروس الخصوصية, وأستعد المقاولون لبدء مشاريع  الترميم والتهديم للأجيال.