سلاما ياعراق :القبانجي: اصبروا على قطع أعناقكم



منذ اللحظة التي قرأت فيها على موقع "المدى برس" أن إمام جمعة النجف صدر الدين القبانجي يرفض أي حلول مقترحة لتوفير الأمن تتضمن "إسقاط الحكومة أو تشكيل حكومة طوارئ أو استقدام قوات أجنبية"، ويقول أن الحل الأمثل هو "الصبر على مرارة الحكومة الحالية وإسنادها وإصلاحها"، وأنا اقلب خطبة السيد على مئة، وليس سبعين، محملا. أكثرت عدد "المحامل" كي لا أكون مخطئا في ما استنتجته من خطبته.
السيد لا يريد للناس الأمن اذا كان توفيره يعني تبديل الحكومة. الحل الأمثل، عنده، أن يصبر الشعب على الذبح اليومي لأنه أهون عليه من قطع أرزاق الحاكمين. لم يُسم الرجل فساد الحكومة من رأسها حتى عجيزتها وفشلها في حماية أرواح الناس، عارا وخزيا وشنارا، إنما سماه "مرّا". يريد القول "اشجابرك على المر غير الأمر منه؟". لكنه لم يقل لنا ما هو الأمرّ الذي لا يجوز الصبر عليه. ماذا ننتظر يا "مولانا"؟ أأكثر من هذه المفخخات اليومية والجثث الممزقة والدماء المسفوكة وجحافل الأرامل واليتامى والثكالى؟ أما يكفينا ان يقتل ويجرح منا آلاف كل شهر؟ فكم تطالبنا بأن نقدم من الضحايا يوميا لنثبت لك أننا صبرنا؟
السيد صدر الدين يشارك الحكومة الضحك على عقولنا ويخاطبنا قائلا: "هناك حلول مقترحة لحماية بغداد ومواجهة الإرهاب ومنها استقدام قوات أجنبية ،وهذا أمر غير صحيح ومرفوض من قبلنا". أين كان الرفض من "قبلكم" يوم أتت القوات الأجنبية لتخلص العراقيين من سكاكين صدام المسلطة على رقابهم؟ أتتصور ان من بيده كل مقدرات الدولة المادية والعسكرية والأمنية ويترك الشعب تحت رحمة الذبّاحين أقل جرما من القاتل؟
ألم تضع ببالك ان هذا الشعب الذي تطش خطبتك عليه من الفضائيات فيه عقلاء لتحسب حسابهم. اشك انك قد فكرت بذلك وإلا لما قلت ان تشكيل حكومة طوارئ "غير مقبول أيضا لأنه اعتراف بالفشل". أليس الفشل صنو الخطأ؟ فمتى صار الاعتراف به رذيلة؟
أي قيمة تريد ان تربي مريديك عليها؟ أتريد القول بان الطالب اذا فشل بالامتحان، عليه ان يوهم أهله بانه ناجح؟ وإذا كبر فليزوّر شهادة تؤهله لنيل منصب "رفيع" كما يفعل الحاكمون؟
أي صبر هذا الذي تطالبنا به ومن أجل من؟ أمن أجل ان تظل "خضراء الدمن" عامرة بنسائها وحشمها وخدمها وأمنها وأمانها ونساؤنا وأطفالنا وشبابنا وبيوتنا بلا حميّ؟
مولانا، هناك قصيدة للشاعر عريان السيد خلف حدس فيها، قبل أربعين عاما، ان هناك من سيأتي اليوم ليطالب الناس بالصبر على الذبح فأجابه:
تجسّر واكح اليدريك.. واشخص ماين ابعينه
واخذ نوبك ولو للنوب والنچلات ما بينه
ولو كل واحد بدينه .. الك بينه..الك بينه
مشه المصيوب يتوچه اعله عشرينه
يحشم وين المحبين؟ .. وين الوفي اليوفينه؟
يخوتنه، يعشرتنه، يشامتنه، يواشينه
تبرّوا واليطيح يكوم كون المستحه يعينه
يتل سنته، ويدك الشوف.. وچ يسنينه شبينه؟
نشفنه ولا نداوة فيض بيد الموت تحيينه
و تلملمنه، وتبدينه
وصبرنه شيكدر المذبوح ؟ وشبيده اعله سچينه؟