إغتيال هادي المهدي قبل سنتين يشكل أحد أخطاء العملية السياسية ان لم نقل هي واحدة من أبشع جرائمها في قتل النقاء الصاعد تحت عنوان الحرية والنقد والمصارحة الطالعة من الحقيقة ..! هادي ليس أكثر من عفوية تتحرك بطاقة طفل يبحث عن سماوات نظيفة ويوم ينتهي برومانسية العشق للوطن وتلاوة تعاليم علي بن ابي طالب ، وصراخ مفاجئ يداهم أعماقه في تأمل و بحث عن لحظة توازن درامي لحياته التي يجدها ناقصة لشيء ما غير مكتشف ..! رجل لذيذ وبسيط لايكلف الأصدقاء سوى بعض كلمات من محبة وتعاطف يضعه في مصيدة البدوي . هادي الذي تشرد بوقت مبكر دون تصنيف او توصيف سياسي او أكاذيب وبطولات زائفة ، كان يبحث عن حرية لايعرف حدودها او قوانينها ،هو يعشق الطيور والشعر ويبكي للفقراء في عاطفة مشرعّة الأبواب..! كان يحارب الدكتاتورية بشجاعة وصوت جهوري يرفل بعراقية طاهرة ويحلق بمفرده ، خارج حسابات الإنتماء والربح والتسلق ، عاش غربة عن النفعية ومواردها وأصولها التي جاءت بعد حين لتتحكم بالبلاد والعباد وتهدر دم المهدي . لماذا قتلوا هادي المهدي ..؟ هادي لم يكن يحتاج للقتل ، فهو مقتول بأحزان الوطن المنهوب وجراحاته ومقابره وتاريخه ، مقتول بمراثي ينحتها بحريق الدم والدموع وشجاعة لم يبق منها سوى صوت يرتفع بالصراخ ..؛ أغيثوا وطني ..! قاتل هادي المهدي ، قاتل للبساطة والعفوية والطفولة الغرة والمشاكسة اللذيذة التي تؤلف أسطورة العذوبة والنقاء . تجولت كثيرا في المسارات الذاتية لهادي المهدي ، الخفية والمكشوفة ، وضحكنا كثيراً ، تجولنا في دروب دمشق واحيائها القديمة ، كنا نطلق عليه الصمت بكلمة تأنيب مني او من جبار المشهداني او عماد العبادي او الشيخ نايف التميمي وكل من أحبهم هادي . هادي دائما كان الخجول والمفلس والحالم والكريم والواهب والشاعر ومبتدع حكايا السحر والطفولة ، لم يشكل خطرا او سوءا او إزعاجا ، هادي ليس أكثر من طاقة أحتجاج سرعان مايهدأ ويصبح وديعاً سلس الإنقياد والتوجيه والطاعة . قتل هادي المهدي يشبه القتل الذي يتعرض له العراق من عتاة الإرهاب والجريمة. وفي لحظة إختراق رصاصات الجريمة جسد هادي ، أكتشف اللحظة الناقصة في حياته التي أعطت له خلوداً وشجاعة أبدية . في الذكرى الثانية لجريمة إغتيال الصديق هادي المهدي أجد ان أسمه صار يكبر مع رموز الوطن والحرية ، بينما يتقازم الحكام وقتلة هادي وتسقط مسميات الساسة وتنكشف وضاعتهم بينما هادي المهدي يصعد نخيل العراق ينافس لمعان البرحي وحلاوته العراقية ، محبتي لك هادي أيها الماكث بالوجدان ورفيق حكاياتنا .
Falah.almashal@yahoo.com
|