شناشيل : مَنْ يضبط الممسوسين بالطائفية



أؤيد بحماسة أن يشكل مجلس النواب لجنة للتحقيق مع النائب احمد العلواني في تصريحاته وخطبه المثيرة للتعصب الطائفي والمحرضة على الحرب المذهبية كما رآها البعض. وبالحماسة نفسها أؤيد أن يجري تحقيق مماثل مع النائب مطشر السامرائي عن تصريحه الذي شتم فيه الشعب العراقي، متقصداً أو بـ"زلة لسان" ، متهماً إياه بـ"الدايح".
من واجب كل عائلة أن تضبط سلوك أفرادها، ومن واجب كل حزب وجمعية وهيئة ومؤسسة أن تراقب أعضاءها لتضمن حسن سلوكهم، ومن حسن السلوك حلو الكلام وليس خبيثه. والبرلمان هو الآخر مطلوب منه ضبط سلوك أعضائه وتصرفاتهم وتصريحاتهم ليضمن أن يكونوا عند المستوى اللائق بهيئة رفيعة المقام تمثل الشعب. وبكامل الصراحة ان برلماننا يعجّ ويضجّ بالاعضاء سيئي السيرة والسلوك.
لكن.. لكن لا ينبغي الكيل بمكيالين والنظر بعين واحدة والسماع بأذن واحدة. ففي مجلس النواب، وفي مختلف هيئات الدولة العليا وفي هيئات ومؤسسات دينية تترامى رقعتها على مساحة البلاد، يوجد الكثير ممن يُشبهون أحمد العلواني في طائفيته التي لا يعترف بها علناً ومطشر السامرائي في احتقاره الصريح لعامة الناس. وهؤلاء موجودون بين الشيعة كما بين السنة، وتتداول وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تصريحاتهم على نطاق واسع يومياً تقريباً، بل ان هناك ممارسات وسلوكيات طائفية لهؤلاء ولغيرهم تترافق مع التصريحات أو تنفرد بنفسها. ولو أن الأحزاب والجماعات والهيئات والمؤسسات الشيعية والسنية قد ضبطت سلوك أعضائها على الإيقاعات غير الطائفية ما كان الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد قد تردى الى هذا الحد ولا انحدر الى هذا الدرك.
منذ أن تأسست العملية السياسية على القواعد الطائفية، ومنذ أن تولت الأحزاب الإسلامية، وهي جميعاً طائفية وإن لم تعترف، إدارة هذه العملية، صار التحريض الطائفي والمذهبي ممارسة منتظمة ومباراة يُفاخر بها مرتكبوها ويتحمسون لأداء أدوارهم فيها. وكل ما جرى على مدى السنين العشر الماضية من إرهاب وأعمال عنف كانت تصريحات الطائفيين وممارساتهم العملية باعثاً قوياً ودافعاً شديد البأس له.
يريد الشيعة ألاّ يتجاوز سنّيّ على معتقداتهم وشعائرهم؟ فلينضبط طائفيوهم أو لتُضبط ألسنتهم وسلوكياتهم.
يريد السنّة ألاّ يتجاوز شيعي على معتقداتهم ورموزهم؟ فلينضبط طائفيوهم أو لتُضبط ألسنتهم وسلوكياتهم هم أيضاً.
تصريحات النائبين العلواني والسامرائي وممارسات غيرهما من الشيعة والسنة، هي جزء من هذه الفوضى غير الخلاقة في عمل دولة ما بعد 2003 وإدارتها، والانحدار والتهالك والتهافت في الممارسة السياسية للأحزاب والجماعات والشخصيات السياسية النافذة في هذه الدولة، وهي اسلامية من دون شك ولا ريب.