56 المال يخترق الرجولة

 

تحسن الغالبية العظمى، من البشر، الكلامَ المنمقَ جودةً، والمحكك تحسينا وادعاءً لبطولة مشاعة، ليس عليها ضريبة.. مطلقة، لكن عند الفعل، يتنكرون لما ادعوه، ويبدو النمر قطا والقط جرذا والجرذ فأرا والفأر نملة؛ بمجرد حلول موقف يتطلب سداد فاتورة الوعود.
قال الشاعر الراحل يوسف الصائغ: "المحبةُ دَينٌ" وقال المثل الشعبي: الرجل يمسك من كلمته".
فلا محبة نفعت ولا دين... مع مجتمعنا.. للاسف.
فمنهم من يعجبك قوله، لكنهم (56) وهي اشارة الى المادة (456) من قانون العقوبات العراقي، تتعلق بالنصب والاحتيال.
هؤلاء كثيرون في محيطي الاجتماعي والوظيفي، يوعدون ويخلفون، ويستلفون ولا يردون الدين، ويقسم اغلظ الايمان، انه عند الشدة، وفي حال الحرج، لن يتأخر عن الوفاء بما لي في ذمته، واذا به، يخلف وعدا ويتنصل من سداد دين، ويدعني في الشدة محرجا، بينما مالي في حوزته وموعد السداد فات وانا اتلظى بنار الخديعة، غشيما بفراسة الناس، بعد السنوات والتجارب السياسية والاجتماعية والقضائية والتجارية، التي خضتها.
كل يوم يتعلم المرء درسا جديدا، يدفع نظيره، مالا وقلقا يؤديان الى احتراق الاعصاب وانهيار الصحة؛ فلا احد يتعلم مجانا.
علمتني تجارب ايام، في مواقف محددة، ما لم اتعلمه من معتقلات صدام حسين، وغربة الحصار وقيادتي اجراءات تاريخية، لو لم اتشاطر قضائيا.. خلالها، لفلت صدام حسين من الاعدام، وكان اللحظة في نيويورك، يحتسي الوسيكي محتضنا حسناوات الغرب، وهو يسخر من دماء شهداء سجونه وحروبه وحماقاته التي جرت علينا تبعات لم ننجُ بعد من ويلاتها.
كل هذا في كفة، والاصدقاء المقربين، اوالاقرباء الذين ظننتهم صدوقين، في كفة؛ إذ تنصلوا من سداد المحبة.. دين الصائغ وقبضة المثل الشعبي، الذي اخترقه زمن المال قبل الرجولة.
حسبي (56) سبيلا لاستيفاء الموقف الذي انفرط، فتخلى الرجال عن كلمتهم، كالنساء او اشد من ربات الحجول.