الوطن المفقود!!

 

إقترب مني أحد الأخوة قائلا: لماذا لا تكتب عن الأقلمة , وتؤيّد إقامة الإقليم الفلاني؟

قلت: وأين الوطن؟

قال: إنها الأقاليم , فالخطة ناضجة!

قلت:الكاتب الحرّ يكتب ما يراه!

قال: على راحتك!

فقلت: لكن الوطن ليس على راحته , وإنما على راحة مفترسيه!!

فالتوصيفات والمسميات الأخرى , صارت تنخره , وتغيّبه في تموضوعات إتلافية , وصراعات إنقراضية , ذات تداعيات مريرة.

وما يجري هو من نتائج سياسات وسلوكيات وثقافات وعقائد (الوطن المفقود).

فالذي يحصل ضد الوطن , ولا يقدم أية خدمة نافعة له ولأبنائه , لأنهم أنكروه , واندحروا في صناديق الضلال والبهتان المبيد.

فعندما نقرأ ما يُكتب , ونسمع الخطب والتصريحات , لا نجد وطنا , بل صراعات المسميات والتوصيفات المفروضة على الشعب والوطن , الذي ما عاد قائما في وعي الناس , إلا في خيام (كانَ) , وأصبحت السعادة أن تغادر وطنك , لأن وجوده قد إنعدم فيك , وما عاد له أثر طيب يشدك إليه.

وهذه إرادة إنتصرت على حقيقة الوجود الوطني والحضاري , وهزمت إرادة الوطن والشعب , وامتلكت الإنسان بأسره , حتى ما عادت الألوان تتآلف , والقدرات تتكاتف.

إن سايكولوجية الوطن المفقود لها التأثير الكبير والخطير على جميع المستويات الفاعلة فيه , ويشترك فيها جميع الناس الذين غاب فيهم الوطن , وحضرت عندهم أجندات أخرى تفوقت عليه.

وعندما يفقد الكيان البشري الوعاء الذي يكون فيه , فأنه يتشظى ويتفتت محتواه , ويصبح ضعيفا واهنا , عاجزا عن التواصل مع الحياة , ويكون فريسة سهلة للآخرين , ويدخل في مراجل الإتلاف الحضاري الشديد.

ومن أخطر أساليب تغييب الوطن , القيام بتقسيمه على أسس عرقية وطائفية , مما يصنع وجودا إفنائيا متوارثا عبر الأجيال , فيؤدي للإسهام في مشاريع الطامة الكبرى!

 

فعودوا إلى وطنكم واعرفوا دينكم , فلا بد للدين من وطن!!

 

ألا أنّ "حبّ الوطن من الإيمان"(حديث نبوي)؟!!