ارقام السيارات.. كفر والحاد

 

حتما ان تنظيم الملفات المؤسساتية بتفرعاتها السياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها من بقية الملحقات الأخرى وفق سياق علمي واقعي مدروس ,يتناسب مع شخصية العصر وطبيعة الحراك والتطور التكنولوجي , اثر طيب الوقع وخطوة في مسار نافذ الافق بركائزة ثابته, وهو مانسعى اليه ونتضامن معه بغية تمرير نسخة عراقية ذي وجهة حضارية الى جغرافية العالم , ومع كثرة المنغصات التأسيسية واضمحلال الكثير من الثقافات المدنية الا اننا مازلنا نمسك بالحلم وكما يقول احد الفلاسفة ,الحلم قانون الارادة, غير ان تلك الارادة واقعة تحت مطرقة الأمية الادارية و سندان الروتين الحكومي , في حين ان متطلبات الحاضر ,لاتحتاج من يدفعها خطوة الى الامام بل تتطلب ان نقفز فوق الزمن من اجل الالتحاق بالركب, والامساك بناصية القافلة, وهنا نتوقف عند الظاهرة الجماهيرية في دوائر المرور العامة العراقية في فحوى تسجيل المركبات , كسلوك و تخطيط لعقل حكومي في ادارة وارشفة المعلومة.
كما يعرف الجميع ان ابواب العراق ما بعد سقوط الجمهورية "الخاكية" باتت مشرعة امام المستورد الاجنبي , ومع غياب المصدات الوقائية التي تنظم الية الاستيراد والتصدير وبدافع التعويض من افة الحرمان التي رزح تحت المواطن العراقي في حق امتلاكه لابسط مقومات البقاء , اصبح العراق المرأب الاكبر في دائرة الشرق المتوسط في اعداد السيارات القادمة اليه من خارج الاسوار, مما انتج شوارع متهالكة البساط الاسفلتي مع ما تعانيه من شيخوخة قبل ذلك التاريخ, اضافة الى كثرة الحوادث المروية والتي تجاوزن الـ20% من جملة الحوادث و الاصابات التي تسجل في المستشفيات العراقية,فضلا عن كونها لم تخضع الى مختبرات التقييس والسيطرة النوعية لتحديد صلاحيتها ومقاييس المتانة فيها , غير ان ذلك اصبح واقع حال لابد من التسليم اليه, مع ان المعالجات كانت متيسرة في بدايتها الا ان وعلى الرغم مما وضع من مصدات ومسارات تصحيحية لاحقا , في ادراك وتدارك تساقط السيارات علينا , الا اننا وضعنا اليوم امام ازمة من تصنيف "سرطان مروي" لاتقل تأثيرا عن بقية المسرطنات الأخرى في الجوانب السياسية والاقتصادية, ولكن بمنطق يأتي الحل خير من ان لا يأتي , ومع بدء تطبيق تسجيل ارقام السيارات الواردة الى "كراج" العراق , ووفقا للجدول الذي اصدرته مديرية المرور القاضي بجدولة الارقام وفق فترة زمنية محددة ,بدء الزحف الشعبي باتجاه مراكز التسجيل , وهنا تنثر الاوراق وتتزاحم الخطى ,في طوابير كارثية الشكل غريبة الاطار , ترى الناس سكارى وماهم .......!!!!
من يرمق مراكز التسجيل في بغداد والتي في معظمها تقع في مناطق معزولة , يعتقد للوهلة الاولى انها زيارة مليونية او مراسيم حج لكن بدون ملابس احرام, وخصوصا ان الطواف حول الممرات والشبابيك يؤكد طقوس الزيارة, والناس في حيرة من امرهم , على الرغم من الكثير منهم يلازمون ابواب التسجيل من ساعات الفجر الأولى ,غير ان ذلك لايشفع لهم بانجاز يشفي صدور سياراتهم.

لا اريد ان اتكلم عن ثقافة مراجعة الشباك في الدوائر الحكومية والتي فيها اكثر من قراءة لا تتناسب مع مفردات كرامة الانسان , او طبيعة العمل والتعامل لبعض العاملين هناك , ولكنني اود ان امسك الحديث بسؤال , ان اغلب رجالات السطة في العراق خاضوا تجربة الخارج في منافي الغربة, فهل ما حملتموه لنا من فكر اداري في توجيه مفاصل البلاد ,متأتي من ثقافة التجربة والاحتكاك.