لم أصدق نفسي، بين ليلة وضحاها أصبحت المدير المفوض في شركة عراقية للتجارة والمقاولات، وصرت أحلم أن أتخلص من انقطاع الكهرباء بزيارة إلى منتجعات سويسرا، ولعلي أقضي الصيف في كان أو مونت كارلو، فأخيرا سأترك التعليم العالي وهمومه، وأتفرغ للعمل التجاري المربح، وأنفخ نفسي لأنني المدير المفوض، وربما سأترك إدارة الشركة للموظفين لأتفرغ أكثر للكتابة والقراءة، وأعيد قراءة بعض الأساطير، لكن الغريب بالأمر أنني صاحبة الشأن كنت آخر من يعلم؟! نسيت أنني أعيش في العراق الديمقراطي الحديث، وتلك بحد ذاتها القضية!
رن هاتفي النقال:
- الو السلام عليكم أرجو الحديث مع المدير المفوض..
- وعليكم السلام.. عزيزي الرقم غلط
- مستحيل هذا الرقم مطبوع على الإعلان والمكاتبة الرسمية!
- أي إعلان وأي مكاتبة وأي مدير مفوض؟ أنا محسبوتك الخاتون المواطنة البائسة، هل تريد مسامير، ليس عندي غيرها؟!
- أختي أي مسامير! رقم هاتفك مطبوع رسميا على المكاتبة التجارية وباللغتين العربي والانكليزي، هناك عقد وتوقيع وشهود من عدة محامين!!
- نعم! نعم!! وشهود ومحامين!
- نعم ثلاثة محامين..
- أخي أنت متوهم..
- ألستِ صاحبة شركة للتجارة والمقاولات الكائنة في الكرادة داخل قرب مصرف الزوية؟
- قلت لي مصرف الزوية... مصرف الزوية هو نفسه!
- نعم سيدتي.. هل أنتِ المدير المفوض؟
- نعم، ربما، لا أعرف، والله لا أعرف! والله لا شأن لي بمصرف الزوية!!
- قلت لكِ قرب المصرف.. لكن كيف لا تعرفين؟
- لست أدري.. ربما وزارة التخطيط تدري؟!
هذا كل ما حدث. فجأة صرت المدير المفوض لشركة لها عنوان في الكرادة داخل، وقدمت الشركة صكوكا بمبالغ طائلة، ولم يكن لديها رصيد في البنك سوى مبلغ ضئيل جدا لمجرد فتح الحساب، وهاتفي الشخصي مطبوع على الورق الرسمي، لعله خطأ مطبعي، لكن مكان الشركة مجهول! هذا ما عرفته فقط، ولعل ما خفي أعظم!
أعرف أن الوطن طفل تائه في الطرقات، وبفضله صرت مديرا مفوضا، جميل جدا عندما يصبح لقبي المدير المفوض الخاتون.. لقب فيه حداثة وروح بغدادية أصيلة!
وزارة التخطيط السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!