في عام 1958 انتمى (شاكر درة) الى حزب البعث وله من العمر ست عشرة سنة وهو العام نفسه الذي انتمى فيه عزة إبراهيم الدوري الى الحزب وفيما اصبح الدوري عضو قيادة قطرية ونائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة بقي شاكر درة بدرجة (نصير) ولم يحصل على غير وظيفة معلم في مدرسة ابتدائية بعيدة عن بيته!. وهذا الرجل اسمه شاكر محمود علي و (درة) لقب أطلقته الناس عليه من باب التقدير لمواقفه النبيلة وأخلاقه الكريمة، فقد نذر نفسه لخدمة الآخرين، لا يضجر ولا يعتذر أبدا على كثرة الطلبات والتكليفات، فلان من سكان المحلة مريض وراقد في المستشفى يكون هو مرافقه ويرقد معه يوما او شهرا، وفلانة ليس لديها من يراجع معاملتها بين الدوائر هو من يتولى ذلك، وهو من يقف في مجال العزاء، يطبخ ويقدم الطعام والشاي والسجائر ومن يقف في الأعراس وكأنه شقيق العريس، ومن يفض النزاعات ويقيم دوران التقوية المجانية باللغة الانجليزية والرياضيات لتلامذة المحلة ولهذا حين تسأل اي واحد من ابناء الطرف او من معارفه (شلونة شاكر) يرد على الفرة (درة) ومن هنا لحق به هذا اللقب. على ان للرجل طبيعة متفردة فهو لا يأتي بعمل لا يقتنع به وتلك هي مشكلته مع الحزب لأنه لا يؤمن بمبدأ (نفذ قم ناقش) وشاكر لا ينفذ أمرا حزبيا اذا يناقشه ويقتنع به ومن هنا (طرد) من الحزب مرات عديدة، ثم أعادوه بسبب حب الجميع له بل كانت قيادة التنظيم التي تطرده وتعيده تحترم شخصيته كثيرا وتدرك حجم شعبيته!. مرة كان (درة) يتولى مسؤولية خلية من (المؤيدين) وكان احدهم اسمه (بعيو) فطلب منه شاكر تغيير اسمه الا ان المؤيد رفض فهو يعتز به والناس عرفته به ومعاملة التغيير ليست هينة غير ان شاكر في كل اجتماع يعيد عليه الطلب والرجل يرفض وفي الاجتماع الرابع ابلغه شاكر ان قيادة الفرقة قررت طرده من الحزب لأسباب يجهلها، وغادر المؤيد مكان الاجتماع وتوجه مباشرة الى الفرقة للاستفسار فاخبره (لأنك لم تحضر ثلاثة اجتماعات متتالية كما جاء في تقرير مسؤولك شاكر) ابلغهم الرجل انه لم يتغيب عن يتغيب عن اي اجتماع ابدا، وعند الاستفسار من شاكر عن قضية المؤيد الذي يزعم انه لم يتغيب ، قال لهم (الحقيقة انا اردت طرده من الحزب ليس بسبب الغياب بل لان اسمه بعيو ويرفض تغييره!) وسألته الفرقة (ما علاقتك باسمه؟) أجابهم (هو اليوم مؤيد وهذا حزب، وقد يصبح بعد بضع سنوات مسؤولا حزبيا كبيرا، ويذهب الى موسكو مثلا لحضور مؤتمر، فماذا نقول عنه في الأخبار: سافر الرفيق بعيو؟!) وكتم اعضاء الفرقة ضحكة قوية وقرروا إعادة المؤيد الى الحزب وطرد (النصير) شاكر محمود!!. وتمت بعد مدة إعادته الى التنظيم وفي عام 1987 قررت قيادة الفرقة إرساله الى الجبهة ضمن احد قواطع الجيش الشعبي وهي المرة الخامسة التي يذهب فيها، وحصل وهم يرسلونه انه كان يملأ استمارة حزبية، وفيها حقل عن طبيعة العمل فكتب أمامه (متعهد جبهات قتال) وطرد من الحزب ومع ذلك ذهب إلى الجبهة، غير انه عاد ملفوفا بالعلم !!
|