هب الهوا وصرنه سوه

 

ويضرب للقوم يتساوون في عمل سيىء، وهذا رجل كان مسافرا مع قافلة في غرض معين، فصادف نهرا صغيرا فقفزه وحين سقط بدت عورته، فتضاحك منه الموجودون، وبعد فترة بسيطة هبت ريح قوية فكشفت عورات الجميع فقال: هب الهوا وصرنه سوه، حيث لافضل لاحد على آخر.
لا ادري لماذا تبادر الى ذهني هذا المثل وانا اقرأ مانشيتا من على قناة العراقية مفاده: ان وزارة الكهرباء تعاقدت مع شركة تركية لاستيراد اعمدة كهرباء بستة ملايين دولار، وانا ادير الامر على جميع جهاته فكرت ان التقنية العالية في صناعة عمود الكهرباء ( التيل) ربما تكون عالية جدا، ولذا تفتق ذهن المهندسين واصحاب الكفاءات في استيراده، بدل ان يتم تصنيعه محليا، ولكن عدت الى رشدي حين فكرت ان دولتنا تستورد كل شيء من الابريق الى استكان الشاي صعودا الى التيل لانه عال ويحتاج الى جهد كبير. لارتقائه، نحن جميعا مشغولون بالحالة الامنية المرتبكة ولم نفكر اننا شعب بات عالة على كل شعوب الارض، نستورد كل شيء ، مواد البناء والملابس والمولدات والاجهزة الكهربائية، وادوات الزراعة ، حتى اللحاف القطني صار خفيفا بعض الشيء لانه لايصنع بيد النداف العراقي وانما يأتي من الصين، كنا قبل هذا الوقت نضحك من دول الخليج لانها تستورد جميع لوازم حياتها، والاجدر بنا ان نضحك من انفسنا، فعلا نحن شعب مضحكة ونستحق اللعنة.
وبمناسبة الاعمدة الكهربائية كنت اتمنى على وزارة الكهرباء ان تستورد اعمدة خاصة ومغلونة للنواب والسياسيين، ربما تنفعهم في يوم ما لاغراض اخرى، وفي هذا تكون قد اخذت ثأر تظاهرات الشعب العراقي في 31 من آب المنصرم، لان التظاهرات لم تعط اكلها، وهي بعد قد وضعت الشعب امام مفاجآت كثيرة منها غلق الطرق وتفتيت المتظاهرين لتفويت الفرصة عليهم في انهم يكونون مجموعة واحدة متلاحمة تستطيع ان تطالب بحقوق الشعب بصورة حضارية.
من الصعب ان نكتب عن ممارسة سيئة واحدة لان جميع الممارسات تستحق النقد وربما تبعث على الضحك، فوزارة الصحة من اردأ الوزارات لانها تفتقر في مستشفياتها الى الفراش البسيط والذي لايعد شيئا بالنسبة للخدمات الطبية الاخرى، ووزارة النفط هي الاخرى غارقة بالفساد الى قمتها، والداخلية والدفاع والثقافة والتربية حيث تفتقر الوزارة الى الرحلات التي يجلس عليها الطلاب، ناهيك عن اللوازم المدرسية الاخرى، الارض صارت هي محل جلوس الطلبة، والاسئلة تباع وتشترى، اما التعليم العالي فهي في تنازل مستمر وهذا يثبته آخر تصنيف لجامعات العالم وكانت جامعة بغداد بضمنها، امانة بغداد ومجلس النواب وخادم بغداد الذي لايهش ولاينش،  هؤلاء يحتاجون الى حكاية بمفردهم، فنائب لايكفي راتبه لموبايل ولده الصغير ونائبة مصروف ابنها 3آلاف دولار في الشهر والشعب نايم بالعسل، لايعرف ماهي القصة، لكنه يعلم ان الميزانية 120 مليون دولار تتوزع على ناس وناس، والادهى من هذا كله استيراد اعمدة حديدية للكهرباء، مع العلم ان الكهرباء مختفية ولاتحتاج اعمدة ولاتحتاج الى كاز من ايران ولاتحتاج الى محطات بس بالاسم حيث افتتح الوزير اكثر من عشرين محطة كهربائية وماتزال الكهرباء 2او ساعة كهرباء، واربع او خمس ساعات قطع، وهذا هو حالها من عشر سنوات فما الجديد ومافائدة الاعمدة الكهربائية، الا اذا كانت النية من استيراد هذه الاعمدة لاغراض اخرى، واذا كانت كذلك فعلى الحكومة ان تحجز حصتها وحصة النواب من الاعمدة الممتازة، لانها ستحتاج الى ارتفاعات مختلفة واحجام مختلفة، حديد ربما يكون مصنوعا من مواد مختلفة، ولذا ربما تكون الستة مليارات قد نزلت في جيوب السماسرة، وستبقى الكهرباء على حالها ، موبس الكهرباء كلها صارت سوه حين هب الهوا.