الفتلاوي تطيح بالشهيلي بالضربة الفنيّة القاضية |
في زيارة لي إلى العراق عام 2008 , سألت صديقا عن شاب كان يجلب لنا الشاي في محل هذا الصديق , فقال لي ( الحمد لله لقد تعيّن شرطي في وزارة الداخلية , فهو منذ مدة يحاول أن يتعيّن شرطي ولكن لم بوّفق لأن طلبوا منه خمسة أوراق وهو لا يملك هذا المبلغ , لكن قبل فترة هيأ ألله له أبن حلال في هيئة النزاهة فتوسط له بورقتين فقط ) . شريط الذكريات عاد بي إلى الوراء بعد القنبلة التي فجرّتها النائبة لبوة الفتلاوي بالمؤتمر الصحفي الذي عقدته يوم أمس في مبنى مجلس النواب والذي اتهمت فيه النائب جواد الشهيلي بسرقة 16 مليون دينار بأوراق مزوّرة عن قيمة علاج له في حادث وقع له قبل أن يصبح نائبا في مجلس النواب , والحقيقة أنّ هذا الاتهام الذي وجهته النائبة لبوة الفتلاوي إلى النائب الشهيلي ذكرّني بقصة أبن الحلال الذي توّسط لصاحبنا ( الجايجي ) المسكين , فالنائب الشهيلي هو الأعلى صوتا في لجنة النزاهة البرلمانية , ويكاد لا يمر يوما دون أن تكون له صوّلة في ملاحقة ملفات الفساد والفاسدين سواء كان ذلك في قناة البغدادية التي رفعت راية التصدّي للفساد في العراق أو في باقي القتوات الفضائية الأخرى , والحقيقة أنا شخصيا كنت أدعوا الله أن يحفظ هذا النائب النزيه والوطني ويمكنّه من ملاحقة وكشف كل ملفات الفساد التي تنهش مؤسسات الدولة العراقية ووزاراتها . ولا أخفيكم القول أيها الأحبة لقد صدمت لهذا الخبر فقد كان كالصاعقة التي نزلت على رأسي , فالوثائق التي عرضتها النائبة لبوة الفتلاوي لا تحتمل التزوير أو الكذب , لأنها تعي جيدا النتائج التي ستترتب على مثل هذا الأمر إذا تبيّن إنّه غير صحيح أو مفبرك . أبعاد هذه القضية تتجاوز موضوع السرقة أوالتزويرلأن البلد ماشاء الله يعجّ بعشرات الآلاف من المزورّين والسرّاق , لكنّ هذه القضية لها أبعاد سياسية واجتماعية واخلاقية خطيرة تتعلق ببناء الدولة ومؤسساتها وتعكس طبيعة الأحزاب والقوى السياسية التي تحكم البلد , فنحن أمام حالة شاذّة لا تصدّق , فالفساد في العراق استطاع أن يخترق كل مؤسسات الدولة بفضل هذه الأحزاب والقوى السياسية التي تحكم البلد , فحتى البرلمان الذي يفترض أن يكون الجهة المتصدّية الأولى للكشف عن الفساد , هو الآخر يقع فريسة هذا الفساد , فهذه ليست المرّة الأولى التي توجه فيها مثل هذه الاتهامات لأعضاء في لجنة النزاهة البرلمانية ولا أدري أين ذهبت تصريحات السيد رئيس الوزراء الذي وصف فيها الفساد في البنك المركزي بالحريق الهائل ؟ . فماذا يعني أن يكون الوزير فاسد والنائب فاسد والقاضي فاسد والمفتش العام فاسد والمسؤول الكبير في الدولة فاسد ومدير الدائرة فاسد والموظف الصعير فاسد ؟ هل نحن في عصر نهاية الأخلاق والقيم ؟ أم أنّ السياسيين فقط هم الفاسدون ؟ وهل سيعرف الشعب حقيقة هذه الاتهامات التي وجهّت للنائب الشهيلي أم سيسدل الستار عليها وفقا لقانون ( أنت أس وانا أس ) الذي يسير على هداه حكومة وبرلمان العراق ؟ بقى في نفسي سؤال يؤرقني , هل نحن شعب فاسد ؟ . |