خطورة عودة التهجير !

 

أيام تفصل عن انعقاد المؤتمر الوطني العام لتجتمع الكتل والكيانات العراقية لتوقيع ميثاق الشرف والسلم الاجتماعي، وهذا الحراك بغية تحقيق الهدف لابد من تهيئة الارضية المناسبة لها من الجوانب كلها، الانعقاد يأتي في ظل ظروف صعبة وحساسة يمر بها البلد، وعلى العديد من الصعد وفي مقدمتها الصعيد الداخلي الذي يعاني تدهورا في الملف الامني الذي القى بظلاله على الشارع العراقي، التدهور الامني ليس في الاعمال الارهابية المتمثلة بتفجير السيارات وغيرها من الوسائل الاجرامية الاخرى، المنعطف الخطير الذي مصدر القلق هو عودة التهجير الطائفي في بعض المحافظات، هذا العنوان مصدر الخوف والقلق لدى الشارع العراقي لانه يستذكر معه تلك الصفحات السوداء التي مرت بالعراق في اعوام 2006 و2007، وتداعيات تلك الفترة مازالت موجودة واثرت بشكل سلبي على التكوين الاجتماعي العراقي، الان هناك الكثير من النازحين في الداخل نتيجة ايام الاقتتال الطائفي تركوا مناطقهم ولم يعودوا اليها لحد الان، فكيف تعالج الجهات الرسمية ان تكررت الحالة في هذه المرحلة؟ وكيف يكون السلم الاجتماعي الذي هو من اولويات المؤتمر الوطني؟ وكما معلوم ان السلم الاجتماعي المقصود به حالة السلم والوئام داخل المجتمع نفسه وفي العلاقة بين شرائحه وقواه. ان من أهم المقاييس الأساسية لتقويم أي مجتمع، هو تشخيص حالة العلاقات الداخلية فيه، فسلامتها علامة على صحة المجتمع وامكانية نهوضه، بينما اهتراؤها دلالة سوء وتخلف. ومن مقومات السلم الاجتماعي العدل والمساواة: المجتمع الذي يتساوى الناس فيه أمام القانون، وينال كل ذي حق حقه، ولا تمييز فيه لفئة على أخرى، هذا المجتمع تقل فيه دوافع العدوان، وأسباب الخصومة والنزاع.(الشيخ حسن الصفار). التساؤل الان هل هذه المقومات موجودة حاليا في الساحة؟ في ظل الاجواء المتشنجة والخطاب الطائفي هنا وهناك الذي لايرضاه المواطن العراقي ورفضه رفضا باتا بعد ان تيقن ان الاقتتال الطائفي اجندة خارجية تهدف الى تمزيق نسيج المجتمع العراقي، اليوم من يسعى الى اذكاء نار الطائفية بوسيلة واخرى لتحقيق الاهداف التي لم تتحقق سابقا. الوسائل الاعلامية تتناول التهجير حاليا بمجرد خبر يتم تداوله، والجانب المقلق هو الصمت الرسمي بخصوص مايجري من دون اي بيان رسمي يفند او يؤكد مايجري وحقيقة ذلك ليكون رسالة اطمئنان الى الشارع العراقي. السلم الاجتماعي من الضروريات في الحدث العراقي، هذه الخطوة تأخرت كثيرا وكان لابد من وضع الاسس لها عندما كان الاقتتال الطائفي عنوانا، تركيبة المجتمع العراقي المتنوعة تبقى العنوان الكبير ،لان المكونات تعيش مع بعضها ليس اليوم بل يمتد الى تاريخ العراق ولابد من الحفاظ عليها لان الجميع ابناء هذا الوطن، هذه التركيبة كان يطلق عليها مام جلال ويتغنى الجميع بها هي شدة الورد العراقية. السرعة مطلوبة في وأد عودة التهجير الطائفي حفاظا على العراق وشعبه وحمايته من الانزلاق الى ما لايحمد عقباه، وهذه مسؤولية جميع اجهزة الدولة لان تكرارها لايؤثر على النسيج المجتمعي العراقي فقط بل تؤثر على مكانة العراق الدولية، والجميع يأمل انتهائها باسرع وقت وعودة المهجرين الى مناطقهم.