أبتليت إحدى محلات العاصمة بعصابات سرقة تجتاح المنطقة من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثانية عشر ظهراً، وهو موعد خروج الرجال الى أعمالهم وبقية أفراد الأسرة الى مدارسهم وحين تخلو أزقتها من المارة ؛ يبدع السراق في إختيار طرق وأساليب السرقة السريعة في الإنقضاض على البيوت الآمنة .. ففي زقاق واحد من تلك المحلة حصلت ست حالات سرقة أو محاولات باءت بالفشل ، خمس منها نهارية بحدود العاشرة صباحاً وحالة واحدة حدثت عند الثانية بعد منتصف الليل وبتوقيتات متقاربة نسبياً .
لم يألف العراقيون عصابات النهار تلك ولكنها دليل على إمتلاكها الجرأة والقوة للتنفيذ في ظل غياب أمني ورقابي مستمر على تلك الأحياء .. فما من دوريات نهارية منتظمة وما من حراس ليليين، وحين يجن الليل وتتشمع الأزقة بالظلام الدامس ، عندما لا يكون هناك تشغيل ليلي ، تبدأ تلك العصابات المكونة من أفراد بأعمار متوسطة بالتجول في تلك المحلات بحثاً عن فرائسها التي يتم تحديدها ومراقبتها ومعرفة أعداد أفراد أسرها وعدد ما فيها من الذكور وهل أن العائلة ميسورة او فقيرة وهل تمتلك سلاحاً .. كل تلك المفردات في عالم الجريمة يعرفها الجميع وموقن بها ففي بعض الإحيان يمتلك ساكنوها مؤشرات على بعض العوائل الطارئة في المحلة التي ربما يكون لها يد في تلك السرقات أوتقديم العون لسارقين من مناطق أخرى.
لقد كان لتحديد الحظر اليومي من الساعة 12 ليلاً وحتى الخامسة صباحاً أثر كبير في الحد من حركة تلك العصابات وسطوتها ولكنه لم يكف لتحجيمها نهائياً فالعمل الصباحي لها أصبح مؤثراً بعد أن أنحسر عملها ليلاً ، كذلك لم تشفع الكاميرات التي تضعها العوائل محاولة منها لمراقبة منازلها فالسراق ملثمون في وضح النهار ويتشكلون وينقضون بسرعة فائقة فالجريمة الواحدة تستغرق دقائق يتبعها الفوز بالغنيمة والهرب بعيداً .
عمل القوات الأمنية يختلف عن عمل بقية الوظائف في وطننا ، فعملهم يستمر بواجبات على مدار الـ 24 ساعة في اليوم وبالأساليب المتعارف عليها قياسياً في العمل الأمني ولا أعتقد أن تسيير دوريات نهارية بين المحلات والأزقة من قبل قواتنا الأمنية في شوارع الأحياء أمر صعب ووفقاً لتوقيتات قادرة هي على وضعها وبصورة تعطي إنطباعاً عن السيطرة على الموقف الأمني في تلك المناطق وكذلك على السيطرات الأمنية القريبة من المناطق السكانية أن تساهم في تلك الدوريات حفاظاً على مواقعها من الأستهداف الإرهابي.. على أن يتم من خلال تلك الدوريات تدقيق في هويات المتواجدين في المناطق وأسباب تواجدهم والتحقق من ذلك وهم بذلك لا ينتهكون الحرية الشخصية لأحد بل يقدمون خدمة جليلة وعظيمة للمجتمع في الحفاظ على أمنه.
نحن بحاجة لتلك الجهود الكبيرة والبناءّة في هذا المجال .. وستكون بإذن محط تقدير من أبناء شعبنا في الحفاظ على أمنهم وأمن ملاذاتهم التي من المفترض أن تكون آمنة جداً وهم يذهبون يومياً الى أعمالهم .. فإستمرار العمليات الإجرامية البسيطة للسرقة من الممكن أن تتطور لتصل الى مراحل التسليب والقتل والخطف .. كفانا الله وإياكم شرها .. وحفظ الله الوطن.
|