الخيبات الديمقراطية!! |
الإنسان العربي ضحية الآليات الإكتئابية , التي نالت منه في القرن العشرين , وأسست لمناهج العجز المُتعَلم , والتيئيس المُنظم , والشعور بالقنوط والإستسلام. وفي مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , دبت في عروقه حرارة الحياة , وتأججت في أعماقه الطموحات , فانتفض ثائرا يريد حياةً تليق به , أسوةً بغيره من أبناء الدنيا , التي أطل عليها عبر شبكات التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنيت , التي أحضرت العالم إليه , بكل ما فيه من تطورات ومستجدات ومستويات عيش وحياة. وحسب الإنسان المظلوم المقهور الكاظم لغيظه لقرون , بأنه سيبدأ مشوار اليقظة والتمتع بحياته وثرواته , بعد تغيير أنظمة الحكم , التي وجدها السبب الرئيسي في إعاقة حريته وكرامته ومنعه من نيل حقوقه الإنسانية. وقامت قيامة الثورات وتسارعت التطورات , وإذا به يتمكن من إسقاط الحكومات والرؤساء , بإرادته الحرة , وبمعونة الآخرين , وأفضت به الثورات إلى وديان الفراغ , ومتاهات السرابات الديمقراطية , التي راح يطاردها متوهما ومصدقا ومكذبا في ذات الوقت. وأراد الشعب ما أراد , وما وجد على أرض الواقع شيئا مما أراد , بل إنقلب السحر على الساحر , وتحولت الميادين إلى سوح تفاعلات سلبية , وصراعات حزبية , ونداءات فوضوية. والشعب بلا قيادة لا يمكنه أن يصنع تأريخا ويبني دولة ويقيم نظاما , فالمظاهرات والإعتصامات , لا تصنع دولة ذات منطلقات ديمقراطية , وإنما لا بد من القيادة الديمقراطية ,والدستور الديمقراطي , والمؤسسات الديمقراطية. ولا بد من البُنى التحتية اللازمة لصناعة الحياة الديمقراطية. ولعدم توفر الأركان اللازمة للنجاح , عصفت الخيبات , وانطلقت الصيحات , وتفاعلت السلبيات , وتنامت الإحباطات , فوجد الناس أنفسهم أمام حالة لا يدركون تطوراتها ومراحل إستحالتها , فتناهبتهم العاديات , وظفرت بهم الصراعات. فانتقلوا من سيئ إلى أسوأ , ومن وجعٍ إلى أوجع , ومن ميادين الإستبداد , إلى مواضع التلاحي والإشتداد! فهل من أدوية ولقاحات تقي من الخيبات؟!! |