الشعب المغيب

 

قالوا عدنا إلى المربع الأول ولكنهم نسوا إن يسألوا أنفسهم هل تجاوزنا هذا المربع لكي نعود إليه؟
منذ عشر سنوات وسقوط نظام الطاغية وشعارات الكتل السياسية والأحزاب والتيارات تتلاطم كتلاطم أمواج البحر وتتسابق أيها تعطي وعودا ً اكبر للشعب لأنها وصلت إلى قناعة إن الشعب يستخدم عاطفته أكثر من عقله ويمكن التحكم فيه بسهولة وبأبسط الطرق وجره إلى النزاعات والحروب الأهلية لان الشعب وللأسف بدأ يتبع السياسيين في خلافاتهم بدلا ً من إن تجري الأمور بطريقة عكسية والمفترض هو إن يكون السياسي هو التابع للشعب لا إن ينصب نفسه زعيما ً لقطاع معين من الشعب يجرهم معه في خلافاته السياسية مع الإطراف الأخرى من اجل مكاسب شخصية ويكون الخاسر الأكبر في كل هذا هو الشعب لوحده وهذه مشكلة خطيرة حيث نحتاج إلى رفض الزعامات السياسية الملهمة مع الإبقاء على الزعامات الدينية والاجتماعية لأنها تشكل دعامة قوية توحد أبناء الشعب ولكن الزعامات السياسية هي ما يفرق الشعب فنحتاج إلى إنشاء ممارسات وأعراف وتقاليد تجعل من السياسي خادما ً للشعب لا سيدا ً عليه لان ما يحصل في خفايا السياسة ألان من سرقة لأموال الشعب تحت غطاء صفقات سياسية تغطي الواحدة الأخرى ولا احد يعلم أين تذهب أموال الشعب التي تسرق وتصرف هنا وهناك من دون إي حساب أو مراقبة والشعب يعاني من الفقر والعوز والبطالة وشيوع ظاهرة التجاوز على أملاك الدولة لأغراض السكن لعدم امتلاك قطاعات كبيرة من الشعب لمنازل يسكنون فيها .
ولو أردنا إن نستعرض السلبيات الموجودة في الحكومة لاحتجنا إلى بنود من الورق لتدوينها في ظل تغييب دور المواطن وجعله تابع لجهات جل ما تبحث عنه مصالحها الخاصة ولا تكترث لمصلحة المواطن الذي يحتاج إلى إن يعي هذا الشيء لكي لا يستمر في الوقوع في هذا الخطأ باستمرار ويبحث عن الجهة التي تمثله وتسعى إلى تحقيق حاجاته ومصالحه.
وهذا أدى إلى انعدام ثقة المواطن بالدولة لان السلطة أصبحت حاضنة للدولة وكل من يملك السلطة أصبح هو الدولة وقراراته وأفعاله لا ترد ولا تناقش وكأنها منزهة من الخطأ على الرغم من إن اغلبها خاطئة ولو لم تكن كذلك لما وصل بنا الحال إلى ما هو عليه من تفاقم المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية وعلى جميع الأصعدة حيث بدأت المنظومات المجتمعية بالانهيار واحدة تلو الأخرى وبدأ يرى عدم جدوى التمسك بأي من هذه المنظومات لكونها لا تشكل قيدا ً أو مانع للكثيرين من ارتكاب الإعمال التي تضر بالوطن والمواطن في ظل تغييب دور الطبقة المثقفة التي تكون همزة الوصل بين الجماهير الغير واعية بالسياسة ومتمردي السياسة حيث أصبحت هذه الطبقة تشعر بحالة اغتراب في بلدها نظرا ً لعدم السماح لها بأداء دورها في ظل توجيه الأضواء نحو الصراعات السياسية وتهميشهم المتعمد لإبقاء هذا البلد يدور في دائرة مفرغة لا يخرج منها أبدا ً.