لعل هذا المثل الشعبي قد خطر على بال عديد من العراقيين ، وهم يتابعون مسلسل المهزلة وحلقاته الجارية بين كل من البطلين أو النائبين وهما حنان الفتلاوي ـــ كتلة دولة القانون ـــ و جواد الشهيلي من كتلة الأحرار للتيار الصدري ، حيث اتهما بعضهما بعضا بالغش و الاحتيال والاختلاس : فالنائب ـــ أو النائبة ــ حنان الفتلاوي اتهمت النائب الشهيلي بسرقة 15مليون دينار ، بينما هذا الأخير اتهم دولة القانون أو حزب الدعوة بسرقة مليارات الدنانير من المال العام .. كأنما 15 مليون دينار مبلغ تافه و عديم القيمة !!.. حقيقة هو مبلغ تافه فعلا بالنسبة لهؤلاء النواب و الساسة المتنفذين ،الذين تعودوا على حشو جيوبهم و تضخيم حساباتهم البنكية بعشرات أو بمئات ملايين الدولارات المسروقة بشكل مشرعن من ثروات الشعب و المال العام .. لذا فهم يستغربون عندما يتهمون بسرقة كذا مليونا ، طبعا ليس بسبب تهمة السرقة ذاتها ، وإنما لضآلة المبلغ التافه بالنسبة لهم !!.. و كأني بهم يقولون : ـــ أنا ؟ .. فهل أنا أسرق مبلغا تافها كهذا في الوقت الذي يسرق غيري بالمليارات و يشيدون أو يشترون عقارات و مبان و عمارات خارج العراق و داخله ؟.. بينما كان هؤلاء يحلمون قبل سقوط النظام السابق بالحصول ولو على ألف دولار فقط ليعدوه أكبر ثروة في نظرهم .. دون أن يدركا ، ربما ، بسبب البلادة أو ضيق الأفق بأن من قام بسرقة 15 مليون دينار أو مليار فهو حرامي و لص في كل الأحوال .. و هكذا نجدهم بأنهم في الوقت الذي ينشرون الغسيل القذر لفسادهم المالي و السياسي فيما بينهم و أمام الناس ، يصبح عذرهم أقبح من فعلهم .. و الطريف إن النائب جواد الشهيلي يتهم حزب الدعوة بسرقة المليارات ، في الوقت الذي بقى هو ساكتا ، دون أن يفعل شيئا أو يقوم بإجراءات ـــ بوصفه نائبا ــــ ليكشف هذه السرقات ، و مقاضاة الفاعلين الجناة ، و ذلك بحكم واجبه كنائب الذي يفرض عليه واجبه و قسمه الدستوري ملاحقة مثل هذا الفساد .. و لكنه لم يفعل .. ولكن مهما كان الأمر، فأن الفائدة الوحيدة لنشر الغسيل القذر المتبادل بين هؤلاء تكمن في تكوين انطباع عند الناس مفاده : بأن أغلب هؤلاء البرلمانيين أن لم يكن جميعهم ، و بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية و توجهاتهم السياسية ، فأن أغلبهم لصوص و حرامية ، و مهما كان عن حجم السرقة واللصوصية المرتكبة من قبلهم ، و تحت مسميات أو قوانين مشرعة بأصواتهم و بموافقتهم ، بوصفهم كنواب وممثلين عن الشعب المخدوع و المضحوك على ذقنه ..
|