أكثر من 60 من أبناء المذهب السُنّي قتلوا في البصرة خلال شهر واحد، وأكثر من نصف مليون سُنّي ربما، ُروّعوا خلال الشهر هذا، نساء ورجال وأولاد وبنات، آباء وأجداد وجدات، كلهم من ذات المذهب مرعوبون حتى اللحظة هذه. لأن الموت بات يتخطف أبناءهم في كل لحظة، عند خروجهم من المسجد، وعند عودتهم من العمل، ومن المدرسة أيضاً، لا بل إن الذين شاهدوا أمس الأول عملية اغتيال بائع الخضار في قرية مهيجران– الموظف في دائرة الوقف السُنّي طلال عبد الحافظ فاروق، يقولون بان القتل كان في وضح النهار، وأمام مرأى ومسمع الكثيرين من أهل المنطقة، من الشيعة والسُنّة، الذين هُددوا بالقتل إن اقتربوا منهم. أحداث تعيد إلى الأذهان حوادث القتل الطائفية التي حصلت في العامين 2005-2006. ولسان حالهم يقول أين السيد المالكي من ذلك كله، فتحط طائرتك في البصرة وتغادر، لكن (فرسان) القتل والدم على أحصنتهم يجوبون أودية وشعاب المدينة بحثًاً عن مغنم جديد، جسد لم تمسسه رصاصاتهم بعد؟ لا تجد الحكومة المحلية ما تفعله سوى أنها تقيل قائد الشرطة وتستبدله بضابط آخر، مثلما لا يجد الأهالي في المدينة سوى الشكوى إلى الرب، ذلك لأن أحداً لا يفعل شيئاً يمنع القتل، هذه العربة غير المنضبطة مرعبة يا سيادة الرئيس، إذ ان المقتولين لا نصراء لهم فذووهم عاجزون والحكومة اكثر عجزاً والربُّ لا يستجيب أدعية من احد، لعله مدّخرها ليوم القيامة، هكذا بحسب الموروثات الدينية التي يشيعونها كجزء من تعزية للمضطرين المشتكين. الناس في حيرة يا الله، مَنْ للمغدورين إلا أنت الذي في العُلى، هكذا يردد الناس: نسألك أن ترفق بأهلنا في أبي الخصيب والزبير والبصرة القديمة وسواها من المدن المبتلاة. بجاه سيدهم المصطفى وابن عمه المرتضى وابنه الحسين. هكذا حال الناس يا دولة رئيس الوزراء، لا أحد اليوم قادر على حمايتهم، تطير بطيارتك وتدخل البصرة محمياً بجيشك الرهيب، بقواتك التي أرعبت متظاهري ساحة التحرير وأهل الرمادي وبغداد، مثلما "أرعبت" كبار المسؤولين من أمثال الهاشمي والعيساوي. متى ترعب قتلة أهلينا في البصرة؟ أكتب الحروف هذه ولا أعلم هل أكملها أم لا، ذلك لأن أحداً من قواتك سيدي المالكي لا يقف حارساً، حامياً على باب بيتي، وإن أرادوا قتلي فلا رادَّ لهم والله، إن اقتحموا المنزل وساقوني وعائلتي لمسالخهم كالخراف. اعلم انك منشغل بأكثر من قضية قد لا تكون مقاتل أهلي في أبي الخصيب والزبير من بينها، لكني أقول لك بان مجدك الذي بنيته لأكثر من ثماني سنوات جاءك من البصرة، ونجمك الذي تألق في سماء بغداد ابتدأ مشرقاً من هنا، حين كنت "قائداً مظفراً" في صولة الفرسان، وإذا كنت لا تفكر بالدم اليوم، ففكر بمجدك الذي قد تستعيده ثانية في البصرة، وقد بلغ اليأس بالناس مبلغه الذي لا يصدق. ولعلهم مستعدون "لمبايعتك" ثانية وثالثة إن ألجمت أحصنة عربة القتل المسرعة. مستعدون لمبايعتك، رغم الفساد والخراب والدم، ورغم يقينهم بأنك لا تصلح لولاية جديدة. أمس اغتالت المجاميع اثنين، احدهما قرب جامع الخضيري بالعشار وسط المدينة، والثاني قرب مقبرة الحسن البصري، وقبل يومين اختطفوا شقيقين من محل عملهما، وبعد ان نفذوا حكم الإعدام بهما رموا بجثتيهما أمام المنزل، وقبل ثلاثة أيام قتلوا الشيخ ناطق ياسين إمام وخطيب جامع السبيليات –عضو المجلس البلدي، وووو. هذا حديث الناس، أيعجبك الحديث يا سيادة الرئيس؟ قل لنا ماذا نفعل، نشتكي لمن، ونذهب أين، طيب خلاص، لن نذهب للمساجد ونصلي، دائرة الوقف أغلقتها، لن نذهب للمدارس، أولادنا نجحوا في حفظ كراسة الموت، نساؤنا لن يذهبن للتسوق، سنأكل خزين همومنا وآلامنا ونشبع، لن نذهب لأخذ جنائز أخوتنا من عنابر دائرة الطب العدلي بالمستشفى الجمهوري، مثلما لن نذهب بقتلانا جنّازين إلى مقبرة الحسن البصري بالزبير، لأن القتلة يترصدوننا في كل شارع وساحة ودربونة ومسجد وعند دائرة الطب العدلي أيضاً كما حدث في العام 2006. ترى أين نروح، أين نوّلي وجهتنا من هذه الأرض التي كانت يوماً فردوساً لنا مثلما هي للجميع؟ أين يا دولة رئيس الوزراء؟ هب أن الحكومة سمحت لأنصارنا من علمانيي وليبراليي شيعتك وأنصارك، -الخائفين مثلنا- بالوقوف أمام مبنى المحافظة، شاجبين عمليات القتل والتهجير التي نتعرض لها، فهل يستطيع هؤلاء العزل، الذين لا يملكون سوى أصواتهم ويافطاتهم البيض، إيقاف أحصنة عربة القتل التي تعدو مسرعة، في صمت مرير منك ومن جندك؟ يا دولة الرئيس إن لم تستطع إيقافها فقل لنا صراحة من يقف وراءها، أم أنت لا تعلم بهم أيضاً؟
|