الارهاب وجدل التصنيف الاعلامي

 

الكلمة سلاح وفي عالم اليوم قدرة وسائل الاعلام هائلة وتحدد الى درجة كبيرة اتجاهات الراي العام عند تصدير معان غير مفهومة او محددة بشكل واضح او تحمل من ظلال المعنى الكثير الذي يصل حد تبرئة الارهابيين من جرائمهم كما تشير تغطية وسائل الاعلام العراقية لموضوع الارهاب الذي يضرب العراقيين الابرياء فما معنى ان يصف محرري اكثر من وسيلة اعلام  عراقية ان ما يحدث في العراق" اعمال عنف" مكتفيا بهذا التوصيف للتدليل على حيادية جوفاء دون ان تستلهم الرسالة السامية للاعلام وقيمه علما ان الحيادية لاتفارق الارهاب اصطلاحا لانه ينطبق والفعل الذي تقوم بها الجماعات الارهابية والتي تصنف "ارهابية" علميا وقانونيا وهو مصطلح متفق عليه بين مجموع العلوم الانسانية التي تقع ضمن دائرة اهتمامها ظاهرة الارهاب فالعنف وان كان يعرف سابقا تعريفا ينطوي على استخدام القوة المادية للاكراه والقسر الا انه اخذ بعدا شموليا خاصة بعد نظريات عالم الاجتماع الفرنسي بورديو حول العنف الرمزي فبات ينظر الى العنف مجموعة من الاختلالات والتناقضات الكامنة في الهياكل الاقتصادية والثقافية والسياسية للمجتمع  اضافة الى تجسيد القوة المادية والمعنوية في فعل يمارس من طرف جماعة او فرد ضد افراد اخرين عن طريق التعنيف قولا او فعلا كما درجت الدراسات والابحاث سابقا في تناول مفهومه او بتعريف قانوني يدرك ظواهره المادية يعرف العنف بانه الاستعمال غير القانوني لوسائل القسر المادي والبدني ابتغاء تحقيق غايات شخصية او جماعية وكان لقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في مكافحة التمييز ضد المرأة استقرت على تناول التمييز ضد المراة في تولي الوظائف العامة والتحرش اللفظي والجسدي باعتباره نوع من انواع العنف عامل اساسي ليفترق العنف عن الارهاب بعد ان تشعبت الافعال والنتائج التي تدخل في مفاهيمهما فما عادت تندرج تحت مسمى واحد كما هي في بواكيرهما الاصطلاحية والارهاب وان كان ينطوي على عنف مادي الا انه يختلف عن العنف في انه عمل عنفي منظم لترويع الامنين لتحقيق بواعث طائفية او سياسية او عرقية ومن عناصر اختلافه هو عدم معرفة الجاني بالمجني عليه وغالبا ما يكون الاخير بروحه وامنه وومتلكاته وما تتعرض له من تدمير  مجرد رسالة لتحقيق اهداف يعتنقها الارهابي ورغم تعدد التعاريف حول الارهاب ليومنا هذا نتيجة لاستفحال وتفاقم وتطور الظاهرة التي ما زال سرطانها ممتدا في المجتمعات التقليدية والحديثة الا انه من المتفق عليه هو تحديد اهم خصائص العمل الارهابي بان يكون عنف غير مشروع منسق ومنظم يؤدي الى خلق حالة من الفزع والرعب ويهدف لتحقيق اهداف سياسية او عقائدية او دينية بعيدا عن الغايات الفردية وان يمارس هذا العنف ضد الافراد او المؤسسات او الدولة.                                                                                                

 الاعلام بمختلف توجهاته يدور في فلك اخلاقيات واعراف وسلوكيات مهنية فأن لم يتبنى موقفا واضحا تجاه الاعمال الارهابية يدينها بالفعل والفكر والممارسة وكل امتداداتها وحواضنها ومغذياتها الفكرية الطائفية فعليه ان يلزم الحياد وان يسمي الاشياء بمسمياتها وان يخضع الخبر والحدث لتصنيفه القانوني والمهني الصحيح وهو ارهاب لا اعمال عنف وهنا نقصد الارهاب الذي يضرب العراق دون الانسياق الى بعض تصنيفات الارهاب التي تضع بالمسميات او الافعال في قوائمها مكافحة الاستعمار وحركات التحرر العالمية والمقاومة . فوكالة الاسوشييتد برس وهي المقروءة من نصف سكان الارض تقريبا اصدرت تعليماتها لمراسليها ومحرري نشراتها بعدم استخدام كلمة مهاجر غير شرعي لما تنطوي عليه كلمة غير شرعي من حط لكرامة الانسان وادميته ولفظ غير شرعي مناطه الافعال والاوضاع القانونية ولا ينصرف للشخص الادمي ولم تتخلى سي ان ان وفوكس نيوز او صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست يوما عن كلمة ارهابي  ولم تصف احداث 11/9 بغير كلمة ارهاب   رغم البروباغندا التي تتضمنها هذه الوسائل الاعلامية والرسائل السياسية المشحونة الا ان البعض من اعلامنا مصرعلى فرض قاموسه لتتحول صناعة الخبر الى وسيلة لاتخاذ المواقف في رسالة تنطوي على توافق ضمني مع اهداف الارهاب.