التنظيمات المسلحة السنية (القاعدة وأخواتها) تقتل الشيعة بالسيارات الملغمة والمتفجرات وتهجر عائلاتهم من مناطق سكنها ومنازلها، بذريعة الثأر لأخوتهم السنة. ويحدث هذا بين يوم ويوم آخر في العديد من المناطق الشعبية المكتظة بالسكان في بغداد والمحافظات ويذهب من جراء هذا العنف المنفلت المئات من المواطنين الأبرياء. والتنظيمات المسلحة "الشيعية" تقتل السنة بالاغتيالات وكواتم الصوت وتهجرهم من مناطقهم، بحجة الدفاع عن الشيعة. وهو ما يحدث أيضا في بغداد والبصرة وديالى.. هذا هو المشهد البشع والمخيف الذي يتفرج عليه السياسيون العراقيون بأحزابهم وكتلهم وقادتهم وطوائفهم وحكومتهم وبرلمانهم منذ بضعة أشهر. وكأنه يجري في جزر بعيدة وليس في العراق. لم نسمع من الحريصين سوى التصريحات والتحذيرات الشفاهية من حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، لكن كيف نمنع وقوع هذه الحرب المدمرة، ونحن نسمع ونشهد عتاة الطائفيين وهم ينفثون سمومهم في ساحات التظاهر وعلى شاشات التلفاز وفي البيانات وقصاصات التهديد التي ترمى في المنازل والجوامع والحسينيات، لا أحد يقول لنا كيف نمنع وقوع هذه الحرب؟. لا الكتل السنية ولا الشيعية في مجلس النواب فعلت شيئا حتى الآن لوقف نزيف الدم أو اقترحت برنامجا أو حتى أصدرت بيانا يؤكد وقوفها ضد المتطرفين ودعاة الثأر والحرب، من طوائفها، بل هناك من يدافع عن هؤلاء ويحميهم ويجد لهم الذرائع والمبررات. فالسنة من النواب لم يحركوا ساكنا، وهم يسمعون صيحات الطائفيين وهي تنطلق من ساحات الاعتصامات في الأنبار والفلوجة ومن نواب معتوهين ومختلي التوازن السياسي من أمثال العلواني، وهم يفعلون ذلك خوفا على مواقعهم وحظوظهم في الانتخابات المقبلة. والشيعة من النواب صامتون على ما يجري وعندما تسألهم يقولون لك وهل ترى الفارق في حجم أعداد الضحايا من الشيعة الذين يسقطون يوميا بالسيارات الملغمة والمتفجرات، إذن ماذا تريد أن نقول لمن يحمي أبناء جلدته وطائفته.. ليوقف السنة متطرفيهم وسيتوقف متطرفو الشيعة عن التعرض لهم. في هذه الدوامة يعيش السياسيون فكل حزب بما لديهم فرحون، فيما يدفع العراقيون سنة وشيعة ومسيحيين، شبكا وتركمانا وأيزيديين، دماءهم ثمنا لهذا العبث منذ بضعة أشهر، والنتيجة المنتظرة، من هذا السلوك المشين واللامبالاة هي اقتراب هؤلاء المتطرفين من غاياتهم في دفع العراق، مرة أخرى، نحو هاوية القتل والقتل المتبادل على الهوية المذهبية والجهوية.
|