هل انصف القانون الرياضيين ؟ |
يذكر الدكتور طالب البغدادي في كتابه حكايتي مع صدام والبغدادي هو احد علماء الاجتماع العراقيين المرموقين وعانى في سجون البعث انه اثناء جلوسه في غرفة الانتظار للمثول امام قاضي محكمة الثورة سيئة الصيت خرجت مجموعة من قفص الاتهام في المحكمة بعد تلاوة قرار اعدامهم يتقدمهم اللاعب الدولي الشهيد بشار رشيد وهم يهتفون "سنمضي الى ما نريد ....وطن حر وشعب سعيد" فكانت تلك المواقف لشهداء الرياضة بطولة في الحياة وبطولة في الشهادة والمقاومة , شريحة الرياضيين كغيرهم من الشرائح عانت خلال الفترة المظلمة السابقة سواء ما كان يتعلق بالجانب المهني الرياضي نتيجة تسييس الوظيفة العامة الذي انتهجه نظام البعث لتحقيق تطابق بين "اهداف الوظيفة" وما اسماه اهداف الثورة فتم تخصيص المواقع الوظيفية المهمة للكوادر الحزبية دون توافر الشروط الفنية فيهم او قسر الموظفين والرياضيين والادباء وغيرهم للانتماء للحزب الاوحد انذاك والا عليه ان يتقبل حرمانه من حقوقه وتقدمه وطمس ابداعه والشق الاخر من معاناتهم يتعلق بمواقف بعض الرموز الرياضية من النظام السياسي وديكتاتوريته او انتماءه للحركات الوطنية والديمقراطية او لمواقف وطنية كان ثمنها فادحا جدا بحقه امام نظام مفرط في بشاعته ودمويته. منذ العام 2007 جرى الحديث اعلاميا لاول مرة من قبل بعض النواب العراقيين عن تقديم قانون تقاعد الرياضيين فقد تضمن الدستور العراقي سنة 2005 في المادة 36 منه ما اعتبره حق ممارسة الرياضة لكل فرد والزم الدولة بتشجيع انشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها لما اخذته الرياضة من حيز في حياة الفرد والمجتمع واثرها في بناء شخصية الانسان وتكوينه النفسي والابداعي والخلقي فقد نصت هذه المادة على ان "ممارسة الرياضة حق لكل فرد وعلى الدولة تشجيع انشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها" كان هذا الحق المكفول دستوريا مبعث تفاؤل لكثير من الرياضيين والمختصين في هذا المجال لتشريع قوانين تضمن انتشار الرياضة في المجتمع دون حرمان اي فئة وانصاف الرواد والابطال الرياضيين ومنهم من يكابد ظروف قاسية وحرجة اجتماعيا وماديا لا تليق ببطل سابق حصد بطولات وارقام لبلاده وكان له اثرا وبصمة في مجاله الى ان اقر مجلس النواب العراقي قانون رقم 6 لسنة 2013 قانون منح الرياضيين الابطال والرواد والذي جاء وفق الاسباب الموجبة للتشريع بغية تثمين جهود الابطال الرياضيين والرواد الذين رفعوا اسم العراق عاليا في المحافل الدولية ولرفع الحيف عنهم وتحفيزهم على تقديم انجازات من شأنها ان ترتقي بمكانة وسمعة العراق الرياضية الى مصاف الدول المتقدمة والقانون شمل فئتين من الرياضيين هم الابطال والرواد حيث ذكر في المادة الاولى من القانون الفقرة اولا بان الرياضيون الابطال هم الذين "فازوا بالمراكز من الاول الى السادس في الدورات والبطولات العالمية والاولمبية والبارالمبية والمراكز من الاول الى الثالث في البطولات القارية المعترف بها من قبل اللجنة الاولمبية والبارالمبية الدولية والاتحادات الرياضية الدولية للمنتخبات الوطنية والفئات العمرية " بينما الفقرة ثانيا من المادة الاولى نصت بان الرياضيون الرواد هم "الذين خدموا الرياضة العراقية كلاعبين او مدربين في المنتخبات الوطنية او حكام دوليين ممن بلغ من العمر خمسين عاما فما فوق" ليحدد القانون المنح المالية لهم وهي تتفاوت بين الرياضيين فالرواد تصرف منحهم الشهرية من تاريخ استحقاقهم ولمدى الحياة والابطال لمدة عشر سنوات من تاريخ استلام اول منحة لهم وتجدد في حالة الحصول على انجاز جديد اضافة لما اقره القانون في المادة الرابعة بتخصيص قطع اراض سكنية حسب الضوابط المعمول بها والمادة الخامسة التي جاءت بمعالجة المرضى والمصابين من المشمولين بهذا القانون بالعلاج على نفقة الدولة داخل العراق او خارجه . المشكلة في كل القوانين والتشريعات العراقية التي يقرها مجلس النواب متاخرا انها غالبا ما تكون بدايتها كمقترحات من قبل اللجان المعنية في مجلس النواب او من قبل الحكومة وخصوصا تلك التشريعات التي تتعلق بحقوق الشرائح المهنية من غير موظفي الدولة وما ان يظهر القانون الى الوجود حتى تظهر الاشكالات والماخذ عليه مما يشير الى عدم تخصص مقدمي مشاريع القوانين او عدم اشباع القانون بالنقاشات والمقترحات المقدمة من القطاع المعني به القانون واستيفائه الحد المعقول من التوافق بين ذوي الشأن قبل اقراره رغم ان ظروف ومستجدات الحياة تبقى متطورة لدرجة كبيرة بالنسبة للقوانين فمن الماخذ على القانون المذكور وفي المادة الاولى فقرة اولا سالفة الذكر والتي عرفت الرياضيون الابطال والمعنى المبين من هذا المصطلح لاغراض القانون ان المشرع غفل ذكرالبطولات المحلية والابطال الرياضيين اصحاب هذه البطولات وجعلها قاصرة على الدولية والقارية والاولمبية والبارالمبية وكذلك الفقرة الثانية من المادة ثانيا جعل الرواد هم لاعبي ومدربي المنتخبات الوطنية والحكام الدوليين فقط ولم يلتفت المشرع الى الابطال المحليين والذين قضوا سنوات طويلة في خدمة الرياضة العراقية بما لايقل شأنا عن اقرانهم في المنتخبات الوطنية. بالرغم من ان القانون حدد المنح كل حسب استحقاقه للرياضيين الا انه كان من الاجدر تفويض السلطة التنفيذية" رئاسة الوزراء" وبموجب اقتراح من وزير الشباب والرياضة تعديل هذه المبالغ وبما يناسب الظرف الاقتصادي الذي يمر به البلد وحالة التضخم التي قد يعانيها في اي وقت او فقدان العملة النقدية قيمتها الحقيقية وغيرها من الظروف الاقتصادية التي تجعل من الاستحقاق المادي غير مجزي للرياضيين كما فعلت بعض القوانين والتي تذكر فيها المبالغ المادية بالتشريع مما يحول دون المرور بعملية تشريعية في مجلس النواب في كل مرة يراد منها تعديل المبلغ قد تتاخر ويصيب المعنيين ضرر ازاءها هذا اذا علمنا الاداء الهزيل لمجلس النواب العراقي حاليا وتغيب النواب وعدم ممارستهم لدورهم التشريعي والرقابي وحجم مشاريع القوانين التي لم يقرها مجلس النواب ولم يذكر القانون من جهة اخرى حين نص في المادة الثانية الفقرة الثانية "تصرف منحة مالية شهرية للرواد من تاريخ استحقاقهم ولمدى الحياة" اي استحقاق لورثة الرائد الرياضي في حال وفاته ولم يشمل بموجب هذه المادة ورثته ومن بينهم من يكون صغير السن ومعتمدا في معيشته على والده او قد تكون هذه المنحة هي المصدر الوحيد لمعيشة عائلة الرياضي ومن يعيلهم والمفترض كان على المشرع ان يتوسع في ذكر مستحقي المنحة بعد الوفاة على ذويه ومن يعيلهم من غير القادرين على اعالة انفسهم ليضمن لهم حياة كريمة ولاسباب انسانية لاتخفى على احد . ويبقى القانون دون استحقاق هذه الشريحة المهمة ولايشمل كل احتياجاتها والظروف المعقدة التي مرت بها . |