كتاباتنا السائدة لا تعرف مهارات تقديم الحلول والخيارات , للمشكلة التي تتصدى لها , أو الموضوع الذي تتناوله. وإنما هي كتابات تتموضع فيما تتصدى له , فتتأسن , وتراوح في ذات المكان , وتجهل قدرات المبارحة , والبحث في المخارج والآليات اللازمة للحل. وبإختصار إنها كتابات إجترارية , إذ تملأ السطور بمعطيات دائرة مفرغة من الكلمات , الخالية من القدرة على الحيوية والتفاعل المنتج البنّاء , وهي عبارات ذات سلبية عالية وتأثيرات سمية قاتلة. فالمجتمع العربي بحاجة إلى تقديم حلول , وليس إلى كتابات مكتئبة ذات درجات فائقة من اليأس والتيئيس , وهي تستحضر أدوات سحق الأمل ونحر التفاؤل , وطمر الإرادات الساعية للأحسن والأجمل , والمؤمنة بالغد الأفضل. ومَن يقرأ مقالة , يتساءل , ماذا يريد الكاتب أن يقول , وإلى ماذا يدعو , ولا يجد إلا أنه يريد أن يعبّر عن محنته بما يتناوله , وكأن ما يكتبه تعبير عن الغوص في مستنقع تداعيات , وتوطن في الغاديات , وتوحل في قتل الأمنيات. ومعظم ما نكتبه يكون ضمن أفق الكتابات السلبية , المُحْبطة للإرادة , والمانعة للخطو بثقة إلى أمام, أو أنها كتابات تعجيزية , ومساهمة في صناعة حالة العجز, بل هي تعلمنا كيف نكون عاجزين. وعندما نتعلم العجز , يتولانا اليأس , وتتوافد إلينا مسوغات الكآبة والإندحار , مما يدفعنا إلى القيام بسلوكيات إندحارية , إنتحارية ذات نتائج وخيمة ومرعبة. وهذا ما يحصل في المجتمع ,المتوطن في المآسي والتفاعلات السلبية , المؤدية إلى صيرورات متقاطعة مع العصر ومفردات الحياة القائمة. فهل سنتعلم كيف نقدم الحلول , لا أن ننفيها , ونساهم في تراكم وتعقيد المشاكل؟!!
|