كَمْ شِمر في العراق؟ وهل دولتنا دولة يزيد بن معاوية؟

 

 

 

 

 

 

المتتبع للتجربة الأعلامية الحديثة في العراق وتعدد القنوات الفضائية وتلونها وإنتماءاتها, ومَنْ وراء البعض منها يرى تخبطاً إعلامياً وفوضى, وتحوِّلها لمنابر بعضها طائفي ,وآخر موالي لدول مجاورة. والقليل منها لها توجه وطني, ولكن تنقصه الخبرة. وينزلق من حيث لا يدري بتأثيرات كتل سياسية أو شخصية فيساهم في حملة التسقيط البعيدة عن الوطنية. وبعض من هذه القنوات يمارس دوراً تضليليأ مخادعاً , لتمرير أهداف مشبوهة وراءُها بعض أشرار السياسة.

كلنا نتابع برنامج الساعة التاسعة للشاب المبدع أنور الحمداني. وفتح ملفات فساد مالي وإداري وقضايا تهم سيادة البلاد وإستقلالها. وبسبب هذا الأمر أو غيره تعرضت هذه القناة لحملات مضايقةٍ وغلق ومنع بث, ومداهمات من القوات الأمنية. وهذا أمر مستهجن وغير مقبول وشكل من أشكال الأرهاب الفكري وكمٌ للأفواه وحجرٌعلى الرأي الحر. ولا يمكن وصفه إلا بالعبثي المراهق لا يبدر إلا عن جاهل بأمور الثقافة وحرية الأعلام,هذا التصرف لا تليق بدولة دستورها يضمن حرية الرأي والفكر والمعتقد.

وبنفس الوقت نرى إنزلاق هذه القناة, وربما عن غير قصد, ومساهمتها بحملات التسقيط السياسي غير المنصفة. كما يجري يومياً ببث حديث لأحد المحتجين واصفاً الدكتور حسين الشهرستاني بالشمر الثاني. وهذا سبٌ وقذفٌ واضح . وقد يعتبره البعض تحريضاًعلى السيد الشهرستاني. وما أنا بمتبنٍ لفكر السيد الشهرستاني وإنتمائه السياسي. فهو رجل ديني النزعة والهوى وتوجهه إسلامي. أما أنا فليبرالي علماني أؤمن بفصل الدين عن الدولة. ولكن كلمة الحق يجب أن تقال. فالحملة غير المنصفة تقودها جهات سياسية لها من المثالب العديد. وتروج لها قناة البغدادية. بإستغلال توقعات السيد الشهرستاني برفع قدرة إنتاج الكهرباء في العراق, بحيث يستطيع تصدير الكهرباء بنهاية 2013 وفق حساباته الناجمة عن العقود التي وقعها العراق مع شركات عالمية.

 وعلى الرغم من أن هذه السنة لم تنتهِ فالحملة محمومة ومبرمجة ونُعِتَ الشهرستاني بالشمر الثاني.

نحن نعلم من هو الشمر. وما هيَّ جريمته بحق سيد الشهداء وآل البيت الكرام. فهل هناك  تكافؤٌ أوربط أومقارنة بين من قتل أبا الشهداء سيدنا الحسين والسيد الشهرستاني. فكيف سمحت إدارة قناة البغدادية أن تنزلق لهذا المنزلق.

وهل يقبل يهودي أو كافر او مسلم شيعي أوسني أن يُشار له أو يُنعَت بالشمر؟ هناك أخلاق للنقد والتقييم ولياقة في الحديث. فهل يصح هذا يا قناة البغدادية؟

قد يكون الدكتور الشهرستاني غير مؤهل لمنصبه. وقد يكون قد أخطأ في أجتهاده ولم يُصِب في التخطيط. فهذا لا يبرر التعدي عليه بهذه الصورة ووصمه بالشمر. مع إن أي جهة لم تشر له همساً أو تصريحاً بفساد ذمة بل نزهه الجميع وشهد بعفة يده. ولا أظن إن حال بقية الوزراء أفضل من حال السيد الشهرستاني. إن لم تكن أسوء. ولكن هذه نتائج وحصيلة حكومة المحاصصة التي لا يستطيع فيها رئيس الوزراء أو البرلمان من محاسبة هذا الوزير أو ذاك أو نزع الثقة عنه. لأنه محمي من كتلته بالحق والباطل. والسؤال موجه للجميع هل السيد الشهرستاني هو المسؤول الوحيد عن سوء الكهرباء وإنعدام الأمل بها؟ أم إن هناك آخرون, فمن هم؟

إن عمَّمنا ما وصُفَ  به السيد الشهرستاني بسبب ما ذُكِر على الجميع فسيكون كل مسؤول في الدولة شمراً إلا ما ندر. فهل هيَّ دولة يزيد بن معاوية؟ وأين موقع المتخلقين بخلق آل البيت عليهم السلام في دولتنا ومؤسساتها؟

هناك ثلاث نواب لرئيس الوزراء أحدهم الشهرستاني لشؤون الطاقة والدكتور صالح المطلك لشؤون الخدمات وآخر من إخوتنا الكورد. ونحن نعرف حال الخدمات المتدني في العراق. فهل من الجائز تسمية السيد المطلك بالشمر الثالث, وتسمية النائب الكردي لرئيس الوزراء بالشمر الرابع؟ أم إن البغدادية تكيل بمكيالين وتنتقي شمراً على هوى البعض لأغراض غير نزيهة.

التقصير والفساد طال كل مفاصل الدولة والمجتمع العراقي فكم مليون شمر في العراق؟ فلماذا توجه البغدادية سهامها للسيد الشهرستاني وتترك ملايين الشمريين والشمرتية والمشمرين عن السواعد في الفساد الذي نخر جسد الأمة؟

إن كنا نستنكر مداهمة قناة البغدادية ونصف هذا بالعدوان على الثقافة والأعلام وعلى حرية الفكر والنشر. فنحن بذات الوقت نستنكر أيضاً توجيه السباب أو التحريض أو الأنتقاص من الأشخاص كما يجري للسيد الشهرستاني ووصمه يومياً من على شاشة البغدادية بالشمر الثاني .فهذه صورة للتخبط الأعلامي والتهريج وسوء التصرف الحكومي تجاهه.ومانراه من تراشق بتهم الفساد والتجاوز على المال العام من قبل شخصيات يتكرر ظهورها على الأعلام هو إنتقاص للدولة العراقية وللحكومة وللبرلمان الذي جاء بهذه الحكومة .لأنه أعطى للعالم صورة ربما مشوشة عن الفساد الكامل  لهذه الدولة وعدم الثقة بها. فكيف يأتي مستثمر ليعمل لدولة بهذا الشكل فاسدة للعظم . ولا أحد يجد ردعاً ولا حساباً لفاسد. فلم يلمس الشعب أية جدية في محاربة الفساد البتة

كان الأحرى بالقضاء العراقي تتبع كل هذه الأتهامات التي ترد بالأعلام. وإجراء التحقيق بها ومحاسبة الفاسدين ومن أفسد. ومعاقبة من يرجم الآخرين بالفساد, إن ثبتت براءة المتهم.كما إننا بحاجةٍ لقانون واضح شامل. ينظم عمل القنوات الفضائية وحدودها ,إذن على الدولة محاسبة الفاسدين  . وإنهاء ظاهرة العشوائية الإعلامية والفوضى والتخبط. ولا بد إذن من تشريع قانون للأعلام بشفافية ووضوح. يحميه ولا يسمح بالتجاوز على أحد, أو على الأعلام والأعلاميين . ويحفظ الحقوق ويؤمن الحرية والشفافية بمهنية وإحتراف, وتكون هذه القنوات منابر للفكر والعلم وخدمة المجتمع لا منابر للتنابز والتهم المضللة والأنتقاص.

لازلت أرى إن البغدادية هي قناة الشعب العراقي الأولى. لذا نأمل أن نرى على شاشتها الساسة الهادئين المنصفين البنّائين , لا المهدمين المتصيدين بالماء العكر. فكل من رأيناهم  يتشاتمون بالفساد هم مشاركون في الحكومة. وإن كان ماجرى وما سيجري لا يروق لهم فما عذرهم بالبقاء على الكراسي. أم إن الديك يموت وعينه على ال.........؟ وكما يقول المثل المصري (لا تعيّرني ولا أعيرك الهَم طايلني وطايلك) .لذا فنحن  نتمنى على إلبغدادية الأبتعاد عن كل ما يُشيب  حياديتها ومهنيتها ,وعدم بث ما هو غير لائق. كما فعلت بإلغاء بث (إختصاص أحد المقاولين بالكبة لا بالملاعب) بعد أن إتضح ومن على منبر البغدادية إن هذا المقاول مرتبط بتعهدات مستشفيات عسكرية ومدارس في العراق. وقد كان والده صاحب شركة أو معمل لصنع الكبة, متمنين على إدارتها أبعاث محرريها الى أرقى المؤسسات الأعلامية العالمية. لترتقي بقدراتهم ومواهبهم بفنون الأعلام الحديث. كما نحب لها ونأمل. فالشعب شغوفٌ بها . وألا تسمح لأحد بإستغلالها .ولا تتبنى جهة دون أخرى. ولاتركز على فئة معينة من الساسة. تروج لهم ما يشاؤون .وعدم نعت الآخرين بما لا يليق ولا أظن الدكتور المحترم عون الخشلوك يرتضي أن ينعته أحداً بالشمر. فالشمر ملعون من الجميع وسبحان من ليس له مثالب أو أخطاء.

مع تمنياتي بالتوفيق وسداد الرأي.