الساسة ولغة الضاد!

 

 

 

 

 

 

لا يوجد سياسي في دول الدنيا يرطن بلغته , وتضطرب في فمه الجمل بنحوها وقواعدها إلا في دولنا.
فلو أخطأ أي سياسي , في الدول المتقدة , بعبارة أو أخل بقواعد اللغة , لوجدناه تحت طائلة الصحافة بنقدها اللاذع , بل لتحول إلى أمثولة في برامج الفكاهة.
لأن اللغة هوية , ووطن , وفكرة وتفكير.
ومَن لا يعرف كيف يتكلم بلغته , فأنه لا يعرف كيف يفكر بوضوح ورجاح.
واللغة لسان حال البشر.
و "تكلموا تُعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه"
فالكلام الذي تقوله , يكشف هويتك ويقول مَن أنت.
ومنذ تأسيس دولنا , لم نسمع بسياسي أجاد إلقاء خطبة واحدة بلغة عربية سليمة , إلا لقلة نادرة منهم.
وهذا خلل حضاري , ومؤشر صارخ , وفاضح على التأخر , ودليل على تدني الثقافة , وضعف القدرة والمهارة في التفكير , والوصول إلى فكرة ذات قيمة نافعة.
وبسبب تردي لغتهم , فأن ما يتمخض عن إجتماعاتهم , وسياساتهم وأحزابهم وحكوماتهم , عبارة عن إضطرابات متنامية , تتفق وإضطرابات ما فيهم.
فاللغة السليمة تؤكد أن العقل سليم.
واللغة المضطربة تشير إلى عقل مضطرب.
وتلك مأساة أمة , لم تلد قادة وساسة بحجمها , ويدركون دورها , وإرادتها ومعاني لغتها.
فعبارات الساسة والقادة في الدول المتقدمة , تدرّس في المدارس , كأمثلة عن البلاغة وسلامة اللفظ وقوة التعبير , والقدرة على صب الأفكار في كلمات ذات تأثير وفعالية.
وعندنا تخجل من عبارات ساستِنا الخالية من أبسط معايير وقواعد لغة الضاد , التي ينطقونها وكأنها ليست لغتهم الأم.
فكيف لأمة أن تكون وقادتها يجهلون لغتها؟!