مأزق المالكي

 

 

 

 

 

 

قطعا إن كل حزب بما لديهم فرحون، بل ويستنفرون كل طاقاتهم خلال الأشهر القليلة التي تسبق موعد الانتخابات من اجل كسب ود كل من يحق له غمس أصبعه بالحبر البنفسجي في ذلك الموعد، كما إن تلك الطاقات توظف بعدة جوانب ومجالات كل حسب اختصاصه أو حسب الحاجة العددية في بعض الأحيان، وكلهم –يقيناً- ينفذون برنامجاً مرسوماً من قبل الأحزاب التي خططت للظفر في ذلك اليوم الموعود.
وتتفاوت قوة الحملة الدعائية حسب الدعم والتمويل المالي لهذا الحزب أو ذاك، فتجد أكثرها دعاية هي الأحزاب الحاكمة والمتنفذة، لما أتيح لها من مساحة لتجيير بعض النشاطات كانجاز شخصي لرموزها، التي تعتبر المادة "الدسمة" في كل انتخابات، بما تمتلكه من نفوذ في الدولة واستقطاب للجمهور، الذي يتعامل مع المرشحين وفق مبدأ عاطفي مغلوب على أمره.
وبينما تشهد قاعات مجلس النواب لقاءات واجتماعات مكثفة تهدف إلى وضع كل العراقيل أمام تشريع قانوني الأحزاب والانتخابات، نجد أن الكتل السياسية بدأت حملتها الانتخابية مبكرة منذ أكثر من شهر، وبحكم الخبرة التي اكتسبتها خلال التجارب الانتخابية السابقة فقد باتت الأحزاب أكثر شراسة ومكراً هذه المرة، حين انتقلت إلى أسلوب "التسقيط من الداخل" وهو لعمري أدهى الأساليب، لا سيما وقد قارب على الإطاحة بحزب رئيس الوزراء نوري المالكي كما يتضح من القرارات والإجراءات التي صدرت مؤخراً.
إن المالكي يمتلك من الحيلة والفطنة ما يعتقد بأنه يكفيه "شر" الآخرين إلا انه نسي أن تلك الميزتين لا تتوافران لدى الحلقة المقربة منه وخصوصاً أصحاب القرار فيها، فأضحوا فراعنة عليه بدل أن يكونوا عوناً له وسنداً.. وذلك ما لمسناه حالما راجعنا ما حدث في تظاهرات 31 آب التي خرجت ضد رواتب البرلمانيين التقاعدية؛ وهو المطلب الذي رفع به ائتلاف المالكي مشروع قانون لتنفيذه قبل تلك التظاهرات، ولكنها قمعت من قبل القوات الأمنية!! كذلك حين تحدث المالكي في إحدى كلماته الأسبوعية عن الوضع السوري ولم يتطرق إلى بغداد التي اغتصبت في ذلك اليوم من قبل (14) زانيًا بسياراتهم المفخخة.. فضلا عمّا حصل مع الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، حين ترك مجلس شورى الدولة كل القوانين والقرارات ليأتي على قرار اعتبار الزعيم شهيداً فانتفض المجلس: لا شهادة للزعيم !!
فمن غير المعقول ألا يرى المالكي في تظاهرات 31 آب، "الولاية الثالثة" مقدمة على طبق من ذهب، لو انه نزل مع المتظاهرين لدقيقتين لا أكثر وقال: كفى سرقة لأموال الفقراء.. وليس منطقياً غض الطرف عن احتراق بغداد والاكتفاء بالنظر الى ما "قد يحصل" لدمشق.. ومن المستحيل نسيان حب الشعب العراقي –وأكثر من 85% من قاعدة المالكي الانتخابية- للزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ليتم تجريده من شارة الشهادة التي منحها إياها الولاء للمواطن.
لم يبق وقت كافٍ، الانتخابات على الأبواب.. والأبواب مشرعة أمام الجميع.. أنقذوا أنفسكم من المأزق قبل فوات الأوان.