لماذا دعا رزكار إلى التصويت للحزب الشيوعي الكردستاني ؟

 

 

 

 

 

 

كتب رزكار عقراوي، صاحب موقع "الحوار المتمدن" يدعو قراءه إلى التصويت للحزب الشيوعي الكردستاني بدلاً من "كوران" (التغيير) ، ولا اكتمكم إني نظرت ببعض الإستغراب إلى تلك الدعوة. فلدي من المؤشرات القوية ما يجعلني أعتقد بأن موقع الحوار المتمدن يعمل بأجندة إسرائيلية، وقد أوضحت تلك المؤشرات في أكثر من مقالة. ويجب أن نعطي هنا بعض الملاحظات السابقة حول الموقع، لمن لا يعرفها، لتبرير هذه الشكوك. 

 

كنت قد انتبهت في البداية أن معظم المقالات اليسارية التي كان المتمدن ينشرها في مقدمة الصفحة كانت من النوع غير المؤثر، فهي أما من النوع التاريخي حول لينين وروزا لكسمبورغ، أو من نوع متطرف غير مقنع.

لاحظت كذلك أن رزكار كان يكاد يؤله رجل الأعمال طارق حجي، ليس فقط في وضع جميع مقالاته في صدر الموقع، وإنما برجاءه أن يستمر في الكتابة للموقع حتى وهو في إجازة، وكأن الموقع ويسارييه سوف يتيتمون إن بقوا شهراً بدون مقالة لطارق حجي، فمن هو طارق حجي؟ يقدم نفسه على أنه "يساري سابق" (ثم تاب وصار مدير فرع شركة نفط عالمية في مصر!) ولا أذكر له أن هذا الرجل كتب عن اليسار أو الشيوعية أي مديح في أي وقت، بل كان يصل في وقاحته أن يكتب أن الشيوعيون كانوا يدعون إلى مشاعية المرأة والإباحة! وهي دناءة في الإتهامات، لم يكن يصلها كل النازيين وكل الحرس القومي! 

 

أما الهدف الأساسي للموقع الموجه إلى اليساريين والعلمانيين بلا شك، حسب مراقبتي، فهو يتكون من قسمين: الأول، تنمية الإحباط واليأس (الذي لم يكن قد بلغ المرحلة الحالية في تلك السنوات) وتركيز "الندم" من اليسارية وخلق ما أسميه "اليسار التائب" من خلال سيل من المقالات "النقدية" و "التطويرية" للشيوعية واليسارية والحزب الشيوعي الخ.. وضرورة "الإنفتاح" وترك "الجمود العقائدي" ورؤية الجديد في الرأسمالية الحديثة التي تختلف اختلافاً كبيراً عن الرأسمالية في زمن ماركس .. الخ..

من أجل هذه المهمة أطلق الحوار المتمدن طارق حجي، ومجموعة من الشيوعيين السابقين “التائبين” وأسماء غير معروفة تتميز بالخشونة اللفظية عادة قدمت كلها على أنها "يسارية". وقد أثارني أهتمام رزكار الشديد بطارق حجي وكتاباته الماراثوانية (الكبيرة الحجم بشكل مبالغ، والبائسة المحتوى) والتي أتصور أنه ليس فقط لم يكتبها بنفسه وإنما لم يقرأها ايضاً، خاصة وأنه كان يطبع ايضاً الكتب بالجملة في نفس الوقت! 

 

ومن الناحية الثانية كان هدف الموقع إثارة التوتر والهيجان ضد الأحزاب الدينية وكل من يؤمن بالدين، وتحويل أي جدل في الموضوع إلى عمليات "هلس شعر" على طريقة مهرج "الإتجاه الآخر" في "الجزيرة". وفي النقد في الحوار المتمدن، يكتفي عادة بالدين الإسلامي ولا أحد يمس المسيحي، أما اليهودي فهو مقدس لا يجوز نقده، ولم يفعل ذلك خلال الفترة التي كنت أقرأ فيها الحوار المتمدن، رغم بعض الملاحظات التي كانت تصل من القراء بين الحين والآخر حول ذلك. ومن أجل هذه المهمة تم تخصيص كامل النجار ووفاء سلطان، ويتم تجهيزهما كما يبدو بقاعدة معلومات ممتازه للهجوم التهريجي على الإسلام، أتصور انها نفس قاعدة البيانات التي خدمت لاحقاً ياسر حبيب وأحمد القبانجي وأياد جمال الدين، وكلهم يعودون إلى نفس "المرجع" في اعتقادي.

 

عدا هذا فرزكار هو صاحب الموقع الكبير المجهول التمويل، والذي وقف مع إسرائيل في حرب غزة الأولى بكل قوة وكذلك مع المعاهدة الأمريكية، كما بينت في مقالاتي، (1) (2) (3)والذي فوق ذلك كان ينشر إعلانات للمخابرات الإسرائيلية فيها ارقام تلفونات للإتصال بها لمن يعرف أية معلومات عن الجندي جلعاد شاليط، ثم حين يحرج من قبل القراء حول ذلك، يدعي كذباً وبكل صلافة، بأنه لا يعرف كيف يرفعها، وهو الخبير ببرمجة المواقع وهي عملية بسيطة للغاية، أو أنه لا يستطيع رفعها دون أن يكلف ذلك الموقع بعض المال، باعتبارها إعلانات! يبدو أن الجماعة كانوا قساة على رزكار بهذا الطلب أو الأمر الذي فضحه، لكل من له عين وبعض ذاكرة، لكن من حسن حظ رزكار وغيره أن هؤلاء قلة. 

 

من حقي إذن أن أشك أن مثل هذا الرجل بهذه الأجندة الإسرائيلية والتعاون مع إسرائيل صراحة، هو آخر من يمكن ان يريد لحزب شيوعي أن يصل إلى اية سلطة، فما هو السر؟ 

 

يقول رزكار في مقالته : "أنا مقتنع في إن الحزبين الكرديين الحاكمين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني أحزاب برجوازية طفيلية، واستبدادية لا تؤمن بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وغارقة في الفساد واللصوصية، وإذا أحسوا يوما ما في إن – الديمقراطية الهامشية الموجودة في الإقليم – ستتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة من قبلهم، وستؤثر على سلطتهم الفاسدة وثرواتهم ونفوذهم، سيغرقون إقليم كردستان ببحار من الدماء من خلال ميلشياتهم المسلحة كما فعلوا في حروبهم الداخلية القذرة في القرن المنصرم، وبجرائمهم بحق الجماهير التي نافسوا النظام ألبعثي الفاشي فيها." 

 

ويبدو كلاماً جميلاً ، حتى نعرف أنه منع، مقالتين (4) (5) لي تنتقد نفس هذه السلطة ومثقفيها وتكشف عنصريتهم تجاه العرب وارتمائهم بأحضان إسرائيل علناً!، وبدأ المنع في تلك المقالة الرباعية في الحلقة الثالثة الموجهة إلى علاقة بعض المثقفين الكرد بإسرائيل بالذات. وكانت أول مقالتين يمنعها الحوار المتمدن من النشر لي، رغم بعض الزغل بين الحين والآخر بشكل أقل حدة، فأين الكذب وأين الصدق في الموضوع؟ 

 

لماذا إذن يدعو رزكار إلى التصويت للحزب الشيوعي الكردستاني وليس التغيير؟ 

 

فكرت أول الأمر أن الدعوة لإنتخاب الحزب الشيوعي الكردستاني قد تكون إعلاناً مجانياً يحاول تثبيت خدعة علاقة الموقع باليسار، ثم تذكرت تجربة لي اتصور أنها تشرح الأمر بشكل أفضل.

 

قبل حوالي عشرة سنوات كنت شاهداً على حالة فريدة في السياسة، في هولندا. كانت هولندا مقبلة على انتخابات برلمانية وكانت تغلي غضباً من السياسات اليمينية والتبعية لاميركا التي تنتهجها حكوماتها، مما بشر باتجاه نحو اليسار للناخب الهولندي، خاصة وأن رئيس حزب العمل (حزب يساري – وسط) كان ناجحاً في الدفاع عن مواقف حزبه بذكاء ونشاط رائع، بعد تخلص الحزب من رئيسه المخضرم ويم فان كوك، والذي صار في كهولته لا يشبه اليسار في شيء، وذهب ليصبح مديراً في أحد البنوك! 

 

كنت أنتمي للحزب الإشتراكي الهولندي، الأكثر يسارية في الطيف السياسي في البلاد، وأردت أن أخدم الجالية العراقية والحزب،  فقمت بالإشتراك مع بعض الشباب، بتنظيم لقاء للجالية العراقية مع مجموعة من الساسة من مختلف الأحزاب لتتمكن الجالية من اختيار الحزب المناسب الذي تنتخبه، واتصلت بتلك الأحزاب التي وعدت بإرسال ممثلين عنها. وكان من ضمن من اتصلت بهم مسؤول روتردام في الحزب الإشتراكي، فوعد خيراً، لكنه تأخر فأعدت الإتصال دون جدوى، وأخيراً اتصل بي ليعتذر ويقول لي : "نحن نمر بحالة غريبة! الصحافة والمنظمات والتلفزيون، كلها تطلب مقابلات منا بشكل لم أشاهد في حياتي مثله قبلاً، وأنا في الحزب لأكثر من عشرين عاماً!" واعتذر الرجل عن إرسال ممثل عن الحزب لنا، لأن كل من يستطيع الإعتماد عليهم في مثل هذه المهمة مشغولين! 

 

جرى اللقاء مع ممثلي بقية الأحزاب وكان ناجحاً، وجاءت الإنتخابات وفاز الحزب الإشتراكي بمقاعد برقم قياسي، أما حزب العمل فقد حل ثانياً بعد الحزب المسيحي ببضعة مقاعد، وبالتالي كان من حق المسيحي أن يشكل الحكومة، فتفاوض مع العمل وشكل الحكومة معه برئاسة رئيس الحزب المسيحي المخضرم بالكننده. بعد الإنتخابات في هولندا، كما في معظم الدول الأوروبية ا لغربية، يحصل المشاهدون على تحليل للإنتخابات، وكيفية تحرك الطيف السياسي في البلاد. وتبين أن معظم الأصوات الإضافية التي حصل عليها الحزب الإشتراكي جاءت من المصوتين السابقين لحزب العمل، وهي التي تسببت في حرمانه المركز الأول! وهنا صار واضحاً تصرف الصحافة الهولندية (التي تدين أغلبها لأميركا وإسرائيل) وإعطائها الحزب الإشتراكي كل تلك المساحة غير المعهودة من اهتمامها، فقد كان القصد هو سحب أكبر عدد ممكن من الأصوات من حزب العمل، حتى لو ذهبت إلى حزب أكثر يسارية منه. المهم أن لا يكون له عدد مقاعد تجعل منه الحزب الأول ويشكل الحكومة! 

 

ورغم أنه ليس من المتوقع أن يحصل حزب التغيير على المركز الأول، إلا أنه حزب "مزعج" للأحزاب التي يقول عنها رزكار بأنها "برجوازية"، بل هو الحزب المزعج الوحيد لهذه الأحزاب الإقطاعية. اما الحزب الشيوعي الكردستاني، فهو "لا يهش ولا ينش"! ومرة قرأت لصديقي الكاتب اليساري الكردي الكبير أمين يونس ينصح الحزب الكردستاني بالإقتداء بالحزب الشيوعي العراقي، فلاحظت ممازحاً عن مدى فعالية الحزب الشيوعي في دفاعه عن اليسارية، فقال لي: نسبة لما يفعل الشيوعيون الكرد، رحمة على الشيوعي العراقي! 

 

فالحزب الشيوعي الكردستاني، شيوعي بالإسم فقط ولا نجد أثراً حتى ليساريته وليس لشيوعيته فقط، فلا يسهل تمييزه عن الأحزاب الليبرالية، إلا بواسطة مجهر. إضافة إلى هذا فلا نعرف لهذا الحزب أي اعتراض على سياسة الأحزاب الإقطاعية التابعة للأجندة الأمريكية الإسرائيلية ومواقفها المدمرة، لذا فما الذي تخسره إسرائيل إن حصل الشيوعي الكردستاني على مقاعد إضافية؟ لا شيء على الإطلاق، بينما قد يزداد انزعاج ذيولهم من اللصوص التي تحكم كردستان اليوم، إن تحولت تلك المقاعد إلى التغيير "المشاغب". 

 

فهل أن دعوة رزكار هي من أجل الحزب الشيوعي الكردستاني، أم هي نسخة كردستانية للعملية المعروفة (في الغرب على الأقل) لـ "شفط" المقاعد من الحزب الأكبر المزعج لأصدقاء الأمريكان، وتشتيت الأصوات المعارضة في أكبر عدد ممكن من الأحزاب الصغيرة، حتى لوكانت تلك الأحزاب أشد معارضة للسياسة الأمريكية؟ ليس الحزب الشيوعي الكردستاني على كل حال معارضاً لتلك السياسة بأية درجة نستطيع رؤيتها بالعين المجردة. إن كان الأمر لشفط الأصوات، فحركة رزكار هذه ليست غريبة عليه، كما كان في موقف موقعه من حرب غزة والمعاهدة الأمريكية، وإعلاناته لتلفونات الموساد عمن يعرف معلومات عن شاليط! حركة أخرى من حركاته التي تخدم إسرائيل وأصدقاء إسرائيل وأجندة إسرائيل. 

 

 

(1) صائب خليل: الحوار المتمدن والتقييمات المزورة1- مقالات غزة
 HYPERLINK "http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/15hiwar.htm" http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/15hiwar.htm

(2) صائب خليل الحوار المتمدن والتقييمات المزورة 2- مقالات المعاهدة
 HYPERLINK "http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18hiwar2.htm" http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18hiwar2.htm

(3) صائب خليل الحوار المتمدن وطرق الضغط الإعلامي الناعم
 HYPERLINK "http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/20hiwar3.htm" http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/20hiwar3.htm

 

المقالتين التين منعهما الحوار المتمدن دون إعطاء أي سبب:

(4) صائب خليل أيها الكرد نشكو لكم مثقفيكم: 3 - نزار جاف يتابع معارك العرب بقلب إسرائيلي حميم

 HYPERLINK "http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/23krd3.htm" http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/23krd3.htm 

(5) صائب خليل أيها الكرد نشكو لكم مثقفيكم: 4 - إنهم يطالبونا أن نحتقر أنفسنا!

 HYPERLINK "http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/28krd4.htm" http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/28krd4.htm