كفاءات عراقية لم تكرم في العراق



لطالما سمعنا بعبارة الكفاءات أو الطاقات في العراق الجديد. لكن هذه الكفاءات لم تجد في العراق ، الذي لم يعد جديداً ، مكاناً مناسباً لها. و يبدو هذا مستغرباً في بلد يحتاج إلى كل الخبرات و الطاقات لبناءه ، في وقت تستفيد الدول الأخرى من كفاءاته و علماءه و مثقفيه.

و مع كثرة الوزارات و المؤسسات الحكومية إلا أنها ما تزال تئن تحت وطأة قرارات اعتباطية و عدم التنسيق إما بسبب الفساد أو لنقص الخبرة. و من يقرأ التاريخ يرى بوضوح أن العراقيين لا تنقصهم الموهبة و لا الخبرة و إنما ينقصهم البلد أو الحكومة التي تستفيد منهم. و أتساءل ماذا فعلت الحكومات العراقية الجديدة لهؤلاء الكفاءات سواء في الداخل أو الخارج؟ هل وجدناها تستدعيهم لتسلم زمام مؤسسات و وزارات أم أنها اكتفت فقط بمؤتمرات مملة يلقي فيها رئيس الحكومة خطاباً ثم يستعرض مشيته أمام عدسات الكاميرات. هذا كله و الكفاءات العراقية في الداخل و الخارج مهمشة بل و غير مرحب بها.

و السؤال الأهم هو لماذا تستفيد أمريكا و بريطانيا و كندا و ألمانيا و الإمارات و قطر و الأردن و غيرها من الدول من كفاءات العراق و يبقى العراق محروماً منها؟ لماذا لا تكون زهاء حديد الحائزة على لقب المهندسة العالمية وزيرة للإسكان في بلد يحتاج فيه إلى أكثر من 2.5 مليون وحدة سكنية؟ و لماذا لا يكون المهندس عمر الرواي في فيينا التي اختيرت أفضل مدينة في العالم محافظاً أو أميناً لبغداد التي اختيرت أسوأ مدينة للعيش في العالم؟ و هل نعجز عن الاستفادة من خبرات عدنان الباججي في السياسة الدولية لتطوير دور وزارة الخارجية العراقية في العالم؟ لماذا لا نستفيد من الاقتصاديين الخبراء أمثال باسم جميل انطوان خبير القطاع الخاص و ماجد الصوري و مناف الصائغ عضو المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي و صادق الركابي مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن في تطوير الاقتصاد العراقي المنهك و المتعب؟ و هل نسينا مهدي الحافظ و خبرته في التخطيط أو القاضي وائل عبد اللطيف و خبرته القانونية؟ جميع هؤلاء و أكثر منهم موجودون إما في داخل العراق أو خارجه لكن أياً منهم لم يتم الاستفادة منه إلا ما ندر. فهل يحتاج هؤلاء إلى وساطات حزبية و كتب تأييد من السيد (س) أو (ع) تغني عن شهاداتهم العلمية و خبراتهم الواسعة ؟

لقد تحول العراق إلى ساحة للرقص على معاناة المحرومين و الفقراء و استبعد عن سلطة اتخاذ القرار أي نزيه أو شريف بل إن هؤلاء يحاربون حتى إعلامياً فتراهم يهمشون حتى من قبل العديد من قنوات الإعلام العراقي. و مع الأسف فمن المؤكد أن معظم هذه الكفاءات لا ترغب بالترشح لأي منصب في الحكومة العراقية لأنهم بالتأكيد ليسوا طلاب سلطة بل هم خدموا العراق و قدموا له الكثير و يبدو أنهم قد سئموا من المستنقع الخطير المحيط بهم. فأينما تولي وجهك تجد حزباً ما و فساداً و محسوبيات و هي أجواء موبوءة لا تقدم إلا السيء حتى أنها تحول كل ما هو شريف فتعطيه صبغة السوء.

فإلى متى نبقى نهمش كفاءات العراق و نستغل معاناة مواطنيه؟ و هل نجد يوماً أحد هذه الكفاءات وزيراً أو رئيساً للوزراء في موقع للمسؤولية في بلد يحتاجهم كالعراق (الجديد)؟ أسئلة يجيب عليه قادم الأيام لكنها تبقى رهن الشعب العراقي و صحوته المرتقبة.

(أقدم اعتذاري إلى كل كفاءة عراقية لم يتم ذكرها في مقالي و لكن هم في قلب و ذاكرة كل عراقي أصيل)

سهام أحمد (صحفية عراقية)