يكتب الأخ القائد والعقيد رئيس الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية الديمقراطية في كتابه الأخضر : إذا كانت إدارة الحكم ديكتاتورية عند البعض ، فإن تقويم الانحراف لن يتم إلا ببحر من الدماء ، أي الثورة على أدوات التخريب " ! هذه واحدة من الجمل المثيرة للرجل الذي ظل يحكم بلاده بنظرية : أنا أو الفوضى ، حيث نجده بعد كل خطاب يصرخ : أنا مجد البلاد، مخاطباً الفقاعات والجرذان الذين طالبوا برحيله بأن مصيرهم جميعا الشنق في ساحات الوطن .. إنها خطابات الحرب ، لا مجال أمام الناس إلا دفع ضريبة غرور القائد الضرورة إلى مداها الأقصى ، حيث ينشر اليأس والرعب! بالأمس شاهدنا المالكي يُصدّق أن هناك مؤامرة فعلاً، وقد اتخذ إجراءات انتقامية على كل المستويات، المالكي اختار عدوه، وفصّل مؤامرته وخطط حربه، متحصناً بشراكته مع الأمريكان وهذا ما جعله يحضِّر الأشباح ويستعرض قوته. الأهم أن المالكي قدّم نفسه على أنه المسؤول الشامل الكامل، يناقش شركات النفط ويعرف ما يدور في عالم الاقتصاد ، ومفاوض في شراء الأسلحة الروسية .. وخبير في مجال السلم الاجتماعي .. مسؤول يعرف كل شيء، هذه رسالة المالكي التي أراد أن يوصلها إلى جمهوره وهو يؤكد لهم بين كلمة وأخرى " أنا المنقذ " و" الله العظيم .. أنا القائد العام للقوات المسلحة " و" المسؤول عن وزارة الداخلية " و " رئيس لجنة المياه والصحة والإسكان والاستثمار" .. أنا "مركز السلطة وعلى الجميع الدوران حولي". بالأمس وأنا أسمع المالكي وهو يهدد من أن بينه وبين من يعارضه بحراً من الدم، ، تيقنت أن الرجل لا يزال مصراً على اللعب بالنار، من خلال استعادة كاملة للعقلية التي أنتجت أم المعارك ، فرئيس مجلس الوزراء ومن خلال خطبه الأخيرة وتحذيراته ، فكأنما يؤلـِّب العراقيين بعضهم على بعض ويدفع باتجاه التصادم بين مكونات الشعب، وبدلا من أن يخبر الناس عن العمولات التي سُرقت في صفقات الفساد ، ومصير مئات المليارات التي أُهدرت من أموال الشعب على مشاريع وهمية، وأن يقدم للعدالة القادة الأمنيين الذين سهـَّلوا هروب عُتـاة القاعدة، نراه يتغاضى عن إدراك حقيقة تقول: إن واجب رئيس مجلس الوزراء ووظيفته هو منع اندلاع الحرائق، وليس اختراع الوسائل لإشعال النار في ثياب الوطن. للأسف يتوهم الكثير من سياسيينا بأنهم السبب الرئيس في إنقاذ العراق من براثن الدكتاتورية.. وعليه فإن على الناس أن تقدم الشكر لهم ليل نهار على نعمة العهد السعيد الذي يعيشون فيه، وان يُقبـِّل كل مواطن يده يوميا ثلاث مرات داعيا للحكومة بطول العمر والبقاء لما توفره من أمن وخدمات ورعاية صحية وتعليم نافس أرقى جامعات العالم، ومن لا يفعل ذلك فهو مُخرِّب وعدو للمسيرة المظفرة ولا مكان له في جمهورية السيد المالكي. ليست المشكلة في أن رئيس مجلس الوزراء لم يقدر على الوفاء بوعوده التي قطعها للعراقيين منذ عام 2006، فقد مرت سنوات والناس لم ترَ ملامح دولة جديدة تكون الغلبة فيها لمؤسسات مستقرة ومستقلة، ولا إشارات إلى أن دولة الفساد ستغيب الشمس عنها، فإنجازات المالكي في السنوات الثماني الماضية لا تتعدى انتصاراته في الصراع على الهيئات المستقلة ومحاولة تحجيم دور القضاء والبرلمان، وإطلاق يــد الفاسدين والسرّاق الذين لم يحاسبهم أحد، ولم تحدث في السنوات الماضية سوى محاولات مستميتة لإزاحة كل الشركاء واعتبارهم خونة ومتآمرين على وحدة وسلامة الوطن. هكذا وجدنا المالكي ، وبدلاً من أن يروّج لصورة رئيس مجلس الوزراء الذي يسعى إلى الحفاظ على السلم الأهلي، نراه مشغولاً بترويج صورته كمحارب من أجل ترسيخ دولة القبيلة والطائفة " الأكبر " .. وهي الصورة التي دفع ثمنها العراقيون عقوداً من الظلم والجور والتعسف والتخلف.
|