أكثر العراقيين تعرضا لعمليات القتل و التهجير و السقوط ضحايا لأعمال العنف و الإرهاب أو الانتقام الطائفي ، هم الأقليات المتعايشة بسلام ووئام في وسط الأغلبيات ، فبمجرد أن ترتفع وتيرة التوتر و الاحتقان الطائفيين ، حتى يبدأ تنظيم القاعدة بقتل و تهديد و تهجير الأقلية الشيعية المتواجدة بين الأغلبية السنية في هذه المنطقة أو تلك ، و نفس الشيء يحدث مع الأقلية " السنية " المقيمة في مناطق و مدن ذات الأغلبية الشيعية حيث يتعرضون لأعمال انتقامية بين اغتيال و تهديد بالتهجير من قبل عناصر و مليشيات مسلحة .. بينما يُفترض و انطلاقا من أبسط قيم إنسانية و أخلاقية و مبدئية ــ ناهيك عن قبلية و عشائرية ــ أن تتمتع هذه الأقليات ، مهما كان انتماؤها الديني أو الطائفي ـــ بحماية الأغلبية و رعايتها سواء من هذا الطرف أو ذاك ، و الدفاع عنها إزاء كل أنواع العدوان و البربرية و الانتقام ، بل و اعتبار أمر حمايتها و ضمان سلامة حياتها و ممتلكاتها مسألة شرف و غيرة و نخوة ، لكون هذه الأقلية أو تلك تحتمي بأحضان الأغلبية و تتخذها ظهيرا لها و تنتظر منها كل أنواع الحماية و الدفاع ، ولكن مع الأسف الشديد ، لقد فشلت الأغلبية الشيعية و السنية على حد سواء في حماية الأقليات المتواجدة بين صفوفها ، و تفرجت عليها وهي تتعرض لأعمال خطف و اغتيال وإعدام علني ، إضافة إلى تهديد بعمليات تهجير و قتل سواء في المناطق ذات الأغلبية الشيعية أو السنية ، وهو أمر محزن حقا و مخيب للآمال فعلا ، وأن دل على شيء ، إنما يدل على أن المجتمع العراقي أخذ يتخلى عن أبسط قيمه في حماية النظير المستغيث و أبن الوطن المستجير !.. فعيب و الف خزي و شنار و مليار عار على هذه الأغلبية أو تلك ، وهي تتفرج بلا مبالاة و عدم اكتراث على أقلياتها المحتمية بها ، وهي تُقتل و تُذبح و تُرمى جثث أبناءها على قارعة الطريق أو تفجر عليها بيوتها وهي جثث مذبوحة أو ملغومة ، دون أن تلجأ هذه الأغلبية أو تلك إلى حمايتها و الدفاع عنها بكل الوسائل و الإمكانيات المتوفرة ..
|