كونوا قريبين من أحبابكم قبل أن يفارقوكم

 

 

 

 

 

 

اليوم فحصت مريضة كبيرة السن اي عمرها في حدود الستين الى السبعين عاما وهي كما يطلق اهل الشام ختيارة او كما نسميها اهل العراق ايجة فبعد ان اخذت تاريخها المرضي وما يتعلق بشكواها المرضية بالالام المفاصل وارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام وعند سؤالي لها عن وضعها الاجتماعي وعن مدى شربها الحليب قالت انها ارملة ونزلت دمعتان عن عينيها وقالت لي دكتور كان زوجي رحمه الله برا ودودا ولطيفا معي ولكني كنت صعبة المراس متغيرة المزاج كان مهتما بي في ادق التفاصيل كان صباح كل يوم يحضر لي قدح الحليب الساخن الذي يجلبه اسبوعيا من احدى القرى غرب بغداد ويجبرني على شربه وهو يقول لي اشربي الحليب حتى اراك دوما منتصبة القوام قوية العظام.........
قلت لها والان......قالت لي كلما اشاهد قدح الحليب اتذكر زوجي فتنهال عيناي بالدموع وتختلط مع الحليب..
وبادرتني بالقول لماذا حين يموت شخصا بقربنا نحس انا فقدنا شيئا ثمينا ويزداد شعورنا بقيمته ثم نفتش في حياتهم الماضية وذكرياتهم
وتفاصيل عباراتهم وأدق حركاتهم .......
ثم نسارع في البكاء عليهم ونتلمس آثار خطواتهم وذكرياتهم معنا....
لم يكن شيئا عسيرا أن نفعل ذلك وهم أحياء أن نبيح ونعترف لهم بحبنا لهم ومشاعرنا الحقيقية نحوهم..........
قلت لها أن شعورنا بالندم حيال أخطائنا وخيباتنا المتكررة ليس بالأمر الصعب أن نبادلهم الحب والضحكات واللحظات السعيدة التي نحلم بها...........
ضحكت وقلت لها من اجل روح المرحوم اشربي ثلاث اقداح حليب حتى تبقين منتصبة الفوام قوية العظام كما اراد لك المرحوم دوما وتذكري مع كل قدح تشربيه امنية حقيقها له او حلم انكم كنتم معا ابتدتموه معا.....
قالت لي نعم دكتور ساشرب الحليب من اجل روح المرحوم وامنياته..